ما حصل يوم السبت الماضي في ملعب “سيغنال إيدونا بارك” في دورتموند لم يكن وداعاً لماركو رويس، بل كان تكريماً من أبناء دورتموند لمسيرة لاعب أسطوري ومن أفضل من لعب بالقميص الأصفر الشهير. كانت لحظات تملأها المشاعر والأحاسيس، وفيضاً من الذكريات بين لاعب قدّم كل شيء لدورتموند ولم يبخل عليه بأفضل ما يمتلكه من موهبة كروية وجمهور لطالما دعم هذا اللاعب وأحبه كما لم يحب غيره.
لم يكن ذاك وداعاً، لأن لاعبين كرويس لا يغادرون، بل يبقون بما غرسوه من محبة قبل الأداء، ومن وفاء قبل الأهداف.
بمجرد أن دخل رويس الملعب كان في استقباله قميص ضخم له رفعه جمهور المدرج الجنوبي الشهير في ملعب “دورتموند” أو “الحائط الأصفر”، كما يُعرف لهندسته وصخب جماهيره. بدا رويس متأثراً. بدأ المباراة. لعب كأنه يلعب مباراة نهائية. أخرج كل ما عنده. سجل هدفاً، لكنه لم يكن أي هدف؛ كان هدفاً رائعاً من كرة ثابتة. ربما سعى رويس للتسجيل من كرة ثابتة ليقول إنه ظل الثابت على مبادئ وحب دورتموند ولم يبدل عنه. حان موعد خروجه من الملعب. صفق جمهور دورتموند كثيراً لرويس الذي بادله التصفيق. بدا هذه المرة أكثر تأثراً، وخطا خطى بطيئة كما لو أنه لم يكتفِ بعد من مشواره مع دورتموند على الرغم من كل ما قدّمه وسنواته الطوال في الفريق. اصطف لاعبو دورتموند في ممر شرفي وصفقوا لرويس لحظة خروجه من الملعب.
بعد المباراة، عاد رويس إلى الملعب. توجّه مباشرة إلى “الحائط الأصفر”، وراح يهتف مع جماهيره.
رويس في دورتموند ليس مجرد قصة انتهت، بل تبقى بكل معانيها عبر أجيال الفريق. رويس ليس اللاعب الفذ الذي عرفه دورتموند فقط، بل هو أيضاً عنوان الوفاء للاعب رفض كل العروض، من بينها من برشلونة عام 2012 عندما تألق مع فريقه السابق بوروسيا مونشنغلادباخ، إذ كان يريد رويس دورتموند فريق المدينة التي ولد فيها لا غير. وحتى طيلة سنواته مع دورتموند، رفض الكثير من العروض لمغادرته.
رويس أيضاً هو القائد بكل ما للكلمة من معنى. كان صديقاً للكل في دورتموند. لم ينحَز إلى اللاعبين القدماء على غرار هوميلز رغم صداقتهما، بل كان أيضاً يحفّز الشباب على غرار كريم أديمي ويوسوفا موكوكو، إذ كان يرى فيهم غد دورتموند.
تبقى مباراة لرويس مع دورتموند، لكن في لندن في الأول من حزيران/يونيو القادم في نهائي دوري الأبطال. ربما هي أهم مباراة في مسيرة رويس مع دورتموند، لكن لن يعني له شيئاً إن لم يلعب أو إذا لعب عدة دقائق، إذ إن “مصلحة دورتموند قبل كل شيء”. تلك جملة قالها رويس في إحدى المرات، والأهم أنه نفذها بحذافيرها.