نشاهد الآن مباريات كأس أوروبا لكرة القدم، لكن لا روعة في البطولة، رغم الأهداف والتشويق في المباريات، تضاهي، بالنسبة إلينا، روعة تلك الصورة لمشجع هولندي في ملعب أمستردام، حين ارتدى قميصاً يحمل كلمة فلسطين باللغة العربية وخريطة فلسطين وألوان علم فلسطين.
تبقى فلسطين الأساس، وكل شيء، وقبل كل شيء، في زمننا هذا وما بعده. وإذا ما تحدّثنا عن “حلف القدس”، فإن البوصلة دائماً هي فلسطين، وهو ما نجده في الرياضة أيضاً في هذه البلدان، حيث الرفض التام للتطبيع مع كيان الاحتلال. هذا موقف ثابت يعبّر عنه رياضيو هذه البلدان دائماً، لا قولاً فقط، بل فعلاً خلال المنافسات الرياضية.
وهنا، يجدر التذكير دائماً برياضيين رفعوا كلمة فلسطين وصفعوا المحتلّ، برفضهم اللعب أمام رياضييه، حتى لو خسروا الميداليات، لكنهم انتصروا لفلسطين وقضيّتها المحقّة. نذْكرهم دائماً ليكونوا مثالاً يُحتذى وقدوة للآخرين.
هكذا رأينا على سبيل المثال من لبنان، قبل مدة، الطفل مارك بو ديب (8 أعوام) من مدينة زغرتا، الذي قدّم درساً في الانتماء إلى قضية فلسطين، وفي الوطنية، عندما اشترط على منظّمي بطولة العالم في الشطرنج في إسبانيا ألّا يواجه لاعباً من كيان الاحتلال للمشاركة فيها، لتنهال عليه الإشادات، إذ كرّمه “اللقاء الإعلامي العربي المقاوم”، ومعهد الدراسات الدولية، والحملة العالمية لمناهضة التطبيع، كما زاره في منزله في زغرتا وفد من المؤسّسة الفلسطينية للشباب والرياضة في منطقة شمال لبنان، ومنحه درعاً تقديرية.
كذلك، اتخذ اللاعب اللبناني فادي عيد موقفاً مُشرّفاً برفض اللعب أمام لاعب من كيان الاحتلال في البطولة الـ 43 لأولمبياد الشطرنج العالمي في مدينة باتومي الجورجية.
كما أنّ اللاعب اللبناني بسام صفدية، من مدينة صيدا الجنوبية، رفض مع مدرب المنتخب اللبناني البطل مصطفى الهبش، اللعب في بطولة البحر الأبيض المتوسّط لكرة الطاولة في إيطاليا، لتواجد لاعب من كيان الاحتلال.
وفي سوريا أيضاً، يبرز ما فعله سابقاً اللاعب علاء الدين غصون الذي رفض اللعب في منافسات بطولة العالم للملاكمة في أذريبجان، بعد أن وضعته القرعة أمام لاعب من كيان الاحتلال.
كما أنَّ لاعب الريشة السوري أحمد الجلاد رفض اللعب أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة موريشيوس الدولية، معلناً شعوره بالفخر لخطوته تلك.
وفي العراق، امتنع اللاعب علي الكناني عن خوض نصف نهائي بطولة العالم للمواي تاي في تايلاند، بعد أن وضعته القرعة أمام لاعب من كيان الاحتلال.
ولقي قرار اللاعب الشاب حينها إشادات العراقيين على المستويين الشعبي والرسمي، إذ هنّأه وزير الشباب والرياضة السابق أحمد رياض والنائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي، الذي قال إن الكناني “عبّر عن موقف العراق الرسمي الذي يرفض التطبيع مع الكيان الغاصِب المجرم تحت أيّ عنوان أو ظرف”.
في اليمن، يعلن الرياضيون دائماً دعمهم لفلسطين، كما حصل سابقاً مع لاعب المنتخب اليمني للجودو، علي خصروف، الذي رفض اللعب أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة العالم للجودو في مدينة دوسلدورف الألمانية.
في إيران، فإن الأمثلة لا تُعَدّ ولا تُحصى رفضاً للتطبيع وتعبيراً عن التمسّك بثوابت ومبادىء الثورة الإسلامية في دعم قضية فلسطين، ليحظى عدد من الرياضيين الإيرانيين بتكريم من المرشد الإمام علي الخامنئي. على سبيل المثال، امتنع لاعب الشطرنج، أرين غلامي، عن خوض المباراة أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة “ريلتون” في السويد.
كما أن مواطنه اليافع، أمير حسين عرب (16 عاماً)، رفض خوض النِزال النهائي أمام لاعب من كيان الاحتلال في بطولة دولية للكاراتيه “كيوكوشين” أُقيمت في بلغاريا، وذلك دعماً للشعب الفلسطيني المظلوم.
في المغرب العربي، وتحديداً في تونس، كان الموقف كذلك ثابتاً برفض التطبيع، وهو ما أثبتته الملاكمة ميساء العباسي، لاعبة منتخب تونس، حيث وجّهت لكمة إلى “إسرائيل” عندما رفضت اللعب أمام لاعبة من كيان الاحتلال خلال إحدى المنافسات الدولية.
خطوات هؤلاء اللاعبين الأبطال تأتي في وقت ازداد التطبيع في بعض الدول التي باعت القضية الفلسطينية، كما حصل في اتفاق العار الإماراتي – البحريني مع كيان الاحتلال. وهنا، تلفت جمعية “الوفاق الوطني” البحرينية إلى أن النظام البحريني يُجبر جهات داخل البلاد على تأييد التطبيع مع كيان الاحتلال، ومن بينها الرياضيون، إلا أنَّ البحرينيين الأحرار كانت صرختهم مدوية رفضاً لاتفاق العار، من خلال حملات رافضة، من بينها حملة “بحرينيون ضد التطبيع”.
هكذا، إن لمعان هؤلاء الرياضيين الأبطال في البطولات يفوق لمعان الميداليات التي يضحّون بها رفضاً للتطبيع، إذ إن الفائز هنا هو من يحصل على الميدالية الأغلى: “ميدالية الكرامة”.
الميادين