بعد اتفاق التطبيع العار بين الإمارات و”إسرائيل” وازدياد التقارب بينهما بما في ذلك في الرياضة، فإن رئيس “الفيفا” يقترح أن ينظّم كيان الاحتلال كأس العالم لكرة القدم مشاركة مع الإمارات عام 2030.
قبل أيام، كان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في الأراضي المحتلة، والتقى رئيس وزراء كيان الاحتلال، نفتالي بينيت. لم يتوانَ رئيس “الفيفا” إنفانتينو بأن يقترح على بينيت أن تنظّم “إسرائيل” كأس العالم لكرة القدم مشاركة مع الإمارات عام 2030.
هو اقتراح سيلقى بالتأكيد ترحيباً واسعاً من “الإسرائيليين”، ومعهم الإماراتيين، خصوصاً بعد اتفاق التطبيع العار بينهما، وهو ما أدى إلى ازدياد في التقارب بينهما في مختلف المجالات، وبينها الرياضة، من خلال اتفاقيات للعب مباريات في كيان الإحتلال والإمارات، وشراء الإماراتيين لأندية “إسرائيلية” والاستثمار في رياضة “إسرائيل”.
لكن بالتأكيد هنا، فإن الهدف المادي والاستثمار ليس وحده الذي تصبو إليه “إسرائيل” من خلال الرياضة؛ إذ إن التطبيع الرياضي تحاول الاستفادة منه من خلال إظهار أن الرياضة “تقرّب بين الشعوب”، كما يردّد “الإسرائيليون” دائماً، وذلك في إطار محاولة التأثير على الوعي وتغيير المفاهيم والثوابت ونظرة الشباب العربي إلى كيان الاحتلال، وهذا ما يستدعي تصدّياً ومواجهة من خلال التأكيد الدائم بأن الرياضة في كيان الاحتلال باطلة كما المحتل، وهي جزء لا يتجزّأ من مؤمراته.
هكذا، يقترح إنفانتينو أن تنظّم “إسرائيل” والإمارات أهمّ حدث رياضي في كرة القدم وهو المونديال، وهذا ما يُفرِح هذا الكيان المحتلّ لأرض فلسطين والذي دائماً يستغلّ الرياضة لمحاولة تلميع صورته الإجرامية والوحشية، فكيف إذا كان ذلك من خلال كأس العالم؟
لكن على إنفانتينو أن يدرك أن مقترحه هذا ليس إلا وهماً لن يُبصر الحياة أبداً، وسترفضه الكثير من الدول في منطقتنا وغيرها وشعوبها ورياضيوها الذين يؤكّدون دائماً على تمسّكهم بثوابت بلادهم من خلال رفض التطبيع مع هذا الكيان المجرم، كما حصل في أولمبياد طوكيو والموقف المشرّف للبطلين فتحي نورين من الجزائر ومحمد عبد الرسول من السودان، وكذلك الكثير من الرياضيين غيرهم في الكثير من البطولات.
ماذا سيفعل “الفيفا” عندما ستمتنع منتخبات هذه الدول عن خوض البطولة وقبلها مبارياتها التأهيلية؟
وحتى أن ما سيواجهه “الفيفا” لن يقتصر فقط على بلدان عربية بل غيرها، كما يؤكّد ذلك ما فعله جمهور منتخب اسكتلندا في المباراة أمام فريق كيان الاحتلال قبل أيام عندما رفع خلالها علم فلسطين، وكذلك قبلها أيضاً يافطات ضد كيان الاحتلال بينها: الصهيونية هي العنصرية، النصر للانتفاضة.
وحتى أن اعتداءات قوات الاحتلال على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح والعدوان على غزة في شهر أيار/ مايو 2021 أظهرت أن أكثر الرأي العام العالمي تضامن مع فلسطين واستنكر العدوان والاعتداءات، وهذا ما بدا واضحاً في الرياضة من خلال أبرز النجوم العالميين.
أن يقدّم إنفانتينو مقترحه هذا لـ “الإسرائيليين” فهذا ليس بجديد على “الفيفا” الذي دائماً ما ينحاز إلى “إسرائيل” ولا يعطي الفلسطينيين حقّهم، وهذا حصل في العديد من المرات وبينها قبل 4 أعوام عندما توجَّه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى نظيره الدولي بطلبٍ لمُعاقبة ووقف نشاط أندية المستوطنات التي تلعب في الضفة بما يخالف قوانين “الفيفا”، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، إذ إن “الفيفا” رفض اتّخاذ قرار حول المسألة وقرَّر أن يكون “على الحياد” وأبقى الأمور على حالها. هل إن “الفيفا” يقبل أن يكون “على الحياد” في مسألةٍ أخرى؟ لكن المُتضرّر هنا هو الفلسطيني والمُعتدي هو الإسرائيلي. هنا يتحوَّل “الفيفا” في الرياضة إلى لعب دور الأمم المتحدة كما هو حاصل في السياسة حيث لا يحصل الفلسطيني على حقّه.
أصلاً فإن المسألة لا ترتبط فقط بلعب تلك الأندية في الضفة في ما يُسمَّى “الدوري الإسرائيلي” لكرة القدم، إذ إن هذا الدوري كلّه باطل لأنه يُقام على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ النكبة عام 1948، تماماً كما أن مونديالاً تنظّمه “إسرائيل” والإمارات سيكون باطلاً، ولن يحصل. سيكون مصيره تحت أقدام الأحرار.