لقد بدأ النظام البيئي للابتكار في المغرب ينضج تدريجياً، مدفوعاً بالجهود المتفانية التي تبذلها الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. ويعمل هذا التعاون على تعزيز البنية التحتية اللازمة لتعزيز عقلية ريادة الأعمال المتنامية.
لكي يزدهر النظام البيئي للابتكار، من الضروري ألا تمتلك الدولة أو السوق المعرفة التقنية وتشجع إنشاء الشركات الناشئة فحسب، بل أن تمتلك أيضًا بنية تحتية من مكونات متنوعة ولكن مترابطة.
وتشمل هذه العوامل القدرة على الوصول إلى التمويل، والعلاقات القوية مع الأوساط الأكاديمية، والأنظمة الفعالة لنقل التكنولوجيا لتسويق الملكية الفكرية، وأدوات الإبداع مثل الحاضنات والمسرعات، ووجود الشركات المتعددة الجنسيات، والسياسات الحكومية الداعمة التي تربط كل شيء ببعضه البعض. ومن خلال رعاية هذه العناصر الحيوية ومواءمتها، يمكن للنظام البيئي أن يزدهر حقًا ويدفع الابتكار والنمو المستدامين.
لقد بدأ النظام البيئي للابتكار في المغرب ينضج تدريجياً، مدفوعاً بالجهود المتفانية التي تبذلها الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص. ويعمل هذا التعاون على تعزيز البنية التحتية اللازمة لتعزيز عقلية ريادة الأعمال المتنامية. يقع الموقع الجيوستراتيجي للبلاد على مفترق طرق القارات. إلى جانب مواهبه التقنية الماهرة (أكثر من 10.000 مهندس جديد كل عام) وقدراته القوية في مجال البحث والتطوير، يوفر المغرب أرضًا خصبة لازدهار ريادة الأعمال.
إن المبادرات الأخيرة مثل ميثاق الاستثمار الجديد لتطوير الاستثمار الخاص في المملكة، والمزايا الضريبية المتوافقة مع أفضل الممارسات الدولية، تضع الأسس لتعزيز النظام البيئي بشكل أكبر. يسلط تقرير “المرصد العالمي لريادة الأعمال 2020” (GEM) الضوء على زيادة كبيرة في نشاط ريادة الأعمال في المغرب، حيث وصل المعدل الإجمالي لنشاط ريادة الأعمال (TEA) إلى 18,4% سنة 2020. علاوة على ذلك، وبحسب “استطلاع الشباب العربي 2020″، فإن 85% من الشباب المغاربة ينظرون إلى ريادة الأعمال باعتبارها خيارًا مهنيًا مناسبًا، مما يعكس الاهتمام المتزايد لجيل الشباب بالشركات الناشئة.
وعلى الرغم من هذا التسارع، فإن المشهد الحالي في المغرب غالبا ما يتميز بالعزلة. وتميل كل ركيزة مكونة إلى العمل بشكل مستقل، مع تفاعل محدود وتلاقح للأفكار. ولإطلاق العنان لإمكاناته بالكامل في السنوات القادمة، سيكون تعزيز روح التعاون والتكامل بين جميع أصحاب المصلحة والأصول في النظام البيئي للابتكار المغربي حافزًا حيويًا لمواصلة النمو والنجاح.
يعد تطوير أوجه التآزر بين الركائز المختلفة أمرًا حيويًا لرعاية نظام بيئي ديناميكي. يمكن للأوساط الأكاديمية، بخبرتها البحثية، أن تتعاون مع الشركات الناشئة لتحويل الأبحاث المتطورة إلى منتجات وحلول قابلة للتطبيق. ويمكن للقطاع الخاص، بفضل وصوله إلى الأسواق وموارده، أن يقدم الدعم والاستثمار اللازمين لتوسيع نطاق الابتكارات. وفي الوقت نفسه، يمكن للحكومة أن تستمر في لعب دور محوري في خلق بيئة تمكينية من خلال السياسات والأنظمة الداعمة والتمويل المستهدف.
يتطلب كسر عقلية الصومعة جهدًا جماعيًا. إن تشجيع الحوار المفتوح، وتعزيز ثقافة الثقة والتعاون، وتنظيم الأحداث متعددة التخصصات، هي خطوات أساسية نحو بناء اتصالات أقوى. وستكون المنصات والمجتمعات التي تسهل تبادل الأفكار والخبرات وأفضل الممارسات مفيدة في تعزيز التلاقح داخل القطاعات المختلفة وفيما بينها.
علاوة على ذلك، يلعب التعاون الدولي دورا حاسما في رحلة المغرب نحو نظام بيئي متكامل للابتكار. ومن خلال الشراكة مع أنظمة الابتكار الأخرى، يمكن للمراكز والمنظمات الدولية تقديم رؤى وفرص قيمة.
بعد توقيع المغرب وإسرائيل على اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، شهدنا تقدمًا كبيرًا في التعاون بين نظامينا البيئيين الذي يحمل الوعد باستمرار فرص تبادل المعرفة.
تتمتع إسرائيل، المشهورة بتحولها إلى اقتصاد قائم على المعرفة، بنظام بيئي مبتكر نابض بالحياة يضم أكثر من 7000 شركة ناشئة، وحوالي 900 مستثمر، وأكثر من 450 شركة متعددة الجنسيات. تعد Startup Nation أيضًا موطنًا لشبكة رائعة من أصحاب المصلحة الأكاديميين والتجاريين والتكنولوجيين الذين يمكنهم تقديم نظرة ثاقبة من رحلة بناء النظام البيئي للابتكار في إسرائيل والتي تشمل النجاحات والإخفاقات.
ومن خلال التعاون وتبادل المعرفة، يمكن لكلا البلدين إقامة شراكات دائمة وتشكيل حقبة جديدة من الابتكار والازدهار لشعبي البلدين بشكل جماعي – والتي كانت ركيزة أساسية في توقيع اتفاقيات إبراهيم.