أرشيف صور مذهل يكشف عن زمن ما قبل جدار الفصل العنصري ونقاط التفتيش “الإسرائيلية”، عندما لم تكن فلسطين تُعرف بمشاكلها، بل بصناعاتها وثقافاتها.
هذه الصور، إلى جانب عدد من الصور الأخرى التي تظهر في كتاب “ضد المحو: ذاكرة فوتوغرافية لفلسطين قبل النكبة”، والذي نُشر في شهر شباط/فبراير الماضي، تؤكد من جديد أن تاريخ فلسطين لا يبدأ بالنكبة.
إنها صور لا تتحدى فقط التحريفية الوحشية من جانب الإمبراطوريات والمرتزقة الذين يسعون لقهرنا، بل تعطل أيضاً الغموض المُصمَّم للنكبة، ثقافياً وسياسياً، والذي جعل التراجع عنها يبدو أمراً مستحيلاً على مدى أجيال.
إذاً، كتاب “ضد المحو” ليس المجموعة الأولى من الصور من عصر الحكم التركي، ثم الحكم البريطاني. لكن، في خضم الهجوم الإسرائيلي الأكثر دموية على الفلسطينيين منذ النكبة، يقف الكتاب دليلاً على حياة فلسطين التي يريد كثيرون في “إسرائيل” التظاهر بأنها لم تكن موجودة على الإطلاق.
تم نشر كتاب “ضد المحو” لأول مرة في مدريد من جانب امرأتين إسبانيتين، من ذوي الخبرة في “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، هما ساندرا باريلارو، مصورة، وتيريزا أرانجورين، صحافية ، للرد على النسخة الإسرائيلية من التاريخ، التي لم تمحُ المجتمع الفلسطيني فحسب، بل عملت أيضاً على مسح ذاكرته.
والكتاب يشكل شهادة مرئية للمجتمع الفلسطيني، لما كان موجوداً. وتكمن قوته في الصور التي تمثل اتساع المجتمع الفلسطيني وغناه قبل النكبة، أي قبل عام 1948.
صور تُظهر مجتمعاً كاملاً، مجتمعاً غنياً وأرضاً وفيرة. كما أنها تُظهر تنوع المجتمع الذي يقطع شوطاً طويلاً في مواجهة الرواية الصهيونية، التي تقول إنها أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض.
وتعرّفنا صفحات كتاب “ضد المحو” إلى أولاد مدرسة الخليل للمكفوفين في أوائل أربعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى موظفي المستشفى المحلي في نهاية الحرب، وأنواع الصور التي كانت تملأ الصحف المحلية ذات يوم، من فِرَق كرة القدم والمسرحيات المدرسية والكشافة، وأعضاء المجلس البلدي في حيفا يصطفون لالتقاط الصورة الرسمية، وصولاً إلى مجموعة من النساء يلتقطن صورة مع شهاداتهن من كلية تدريب المعلمين.