يطالب خبراء الاقتصاد الحكومة بالمسارعة فورا لمنح اعتمادات جديدة لفتح مكاتب صرف لتحويل العملة في الجزائر، تزامنا مع عودة حركة النقل الجوي نحو الخارج جزئيا، وتحيين القانون المنظم للنشاط، وتفعيل الرخص الممنوحة سنة 2014 لمكتبي صرف، كما ينتقد هؤلاء انخفاض قيمة المنحة السياحية إلى 90 أورو نتيجة تقهقر قيمة الدينار، مطالبين بمراجعة سريعة للمنح السياحية والتعليمية والعلاجية.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أحمد حيدوسي في تصريح لـ”الشروق” أن الظرف اليوم يفرض توجه الحكومة مباشرة نحو فتح مكاتب صرف بشكل استعجالي في الجزائر، ورفع المنحة السياحية التي باتت تعادل 90 أورو مقابل 15 ألف دينار، في ظل الانهيار الشديد الذي شهدته العملة الوطنية، وهو مبلغ منخفض جدا لا يكفي حسبه حتى لتأجير “طاكسي” ببلد أجنبي، داعيا إلى ضرورة فرض إصلاحات جذرية في مجال التعاملات المالية البنكية، بدل الإجراءات الترقيعية العاجزة عن حل الأزمات، متسائلا “ماذا يمنع اليوم من فتح مكاتب صرف مقننة في الجزائر، خاصة أن النص التشريعي المنظم للعملية جاهز منذ سنوات”؟
وقال حيدوسي إن السياحة في الخارج لن تفرغ احتياطي الصرف الأجنبي ولا خزائن الدولة، وإنما عملية الاستيراد المتوحش وتدعيم المواد المستوردة هي أكبر الأخطار التي تجابه الاقتصاد الجزائري وتستنزف المدخرات، وكذا الفواتير المضخمة التي تلتهم نسبة كبيرة من فاتورة الاستيراد، مقترحا رفع المنحة السياحية إلى 3 آلاف أورو على الأقل، على غرار ما هو متعامل به في تونس أو 4 آلاف أورو مثلما هو مقنن في المغرب.
وأوضح حيدوسي أن مكاتب الصرف بمجرد فتحها ستشهد إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين، ولكن العملية ستنتظم بشكل تلقائي مع مرور بعض الوقت حيث سيتعود الجزائري على وفرة العملة الصعبة بهذه المكاتب، داعيا في السياق ذاته لرفع هامش الربح نسبيا لصاحب مكتب الصرف الذي لن يقبِل على نشاط غير مربح، خاصة بإجراء مقارنة بين الأسعار التي تشهدها السوق السوداء وتلك المعتمدة في السوق الرسمية، مشدّدا على أن هامش الربح المعتمد حاليا لا يكفي صاحب مكتب الصرف حتى لتسديد إيجار هذا المكتب، وهو ما ينفّر من هذا النشاط.
من جهته يؤكد الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي أن الإشكال اليوم لا يكمن في انخفاض قيمة المنحة السياحية فقط، وإنما في تأخر فتح مكاتب صرف مقننة، داعيا الحكومة إلى استغلال فرصة عودة حركة الطيران اليوم نحو الخارج لإطلاق مكاتب الصرف المجمّدة ومنح التسهيلات اللازمة للراغبين في الاستثمار فيها.
ودعا المتحدث في تصريح لـ”الشروق” لتقليص فارق هامش الربح بين السوق الرسمية أي البنوك ومكاتب الصرف المزمع تدشينها مستقبلا، حتى لا تشهد هذه الأخيرة عزوفا من طرف المواطنين، مع احتواء أموال السوق الموازية وإنهاء عصر “سوق السكوار”، كما اقترح رفع المنحة السياحية بشكل تدريجي بداية من 1000 دولار، لتصل مع مرور الوقت 3000 دولار، على غرار ما هو متعامل به لدى دول الجوار.
وقال كاوبي إن الحكومة ملزمة اليوم باحتواء الأموال النائمة في السوق السوداء وتمكين المسافر من منحة سياحية محترمة، والابتعاد عن المنحة الكاريكاتورية الحالية التي لا تكفي حتى للتنقل بين مطارين داخليين بأي دولة، مشدّدا على أهمية تحرير سعر الصرف.
وفي سياق ذي صلة، يرى الخبير المالي كمال سي محمد أنه حان الوقت المناسب لمراجعة المنحة السياحية التي باتت تعادل 90 دولارا وهو مبلغ منخفض جدا، ولا يرقى لمنحه لمواطن جزائري مسافر نحو الخارج، كما دعا لمراجعة المنحة الطبية العلاجية ومنحة التعليم، وشدّد على ضرورة فتح مكاتب صرف مقننة، قائلا في تصريح لـ”الشروق”: “لا يمكن عودة حركة النقل الجوي والسفر نحو الخارج بعد توقف دام 15 شهرا بنفس المنحة السياحية السابقة التي تراجعت اليوم إلى 90 أورو فقط”.