للشهر الثاني على التوالي، تواصل السلطات المغربية تعليق الرحلات الجوية المباشرة للمسافرين من البلاد وإليها، إثر الانتشار السريع لمتحور فيروس كورونا “أوميكرون” في أوروبا وإفريقيا.
ودخل قرار تعليق الرحلات حيز التنفيذ في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتم تمديده لشهر إلى غاية 31 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وأرخى قرار الإغلاق بظلاله على القطاع السياحي خاصة، واقتصاد البلاد بصفة عامة، وسط مخاوف من تلقي السياحة المغربية “ضربة قاضية”.
** ترتيب الأولويات
وقالت الحكومة المغربية في 16 ديسمبر/كانون أول الماضي، إن تعليق الرحلات من البلاد وإليها “حال دون وصول الموجة الجديدة لفيروس كورونا”.
جاء ذلك، في تصريحات أدلى بها الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس خلال مؤتمر صحفي عقده عقب المجلس الحكومي.
ولفت بايتاس إلى أن الهدف من قرار التعليق “هو الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بفعل حملة التلقيح.. بالفعل الإغلاق له تأثير على القطاع السياحي، ولكن يجب أن نرتب الأولويات بشكل دقيق”.
** البنى التحتية
ويرى مهدي فقير، الخبير الاقتصادي المغربي، في تصريح للأناضول، أن “توقف البنى السياحية بشكل كلي أثر بشكل كبير على القطاع”.
وأضاف فقير: “في بعض الأحيان كان هناك فترات من التوقف، وانفراج بين الفينة والأخرى، لكنها مع الأسف فترات محدودة، وكانت تمس بالأساس السياحة الداخلية”.
وزاد: “اليوم الإغلاق الذي استمر لشهرين، خلق نوعا من التذبذب والاضطراب، انعكس بشكل كبير على البنى التحتية الانتاجية ذات العلاقة بالسياحة”.
واعتبر أن “القيمة المضافة تتأثر اليوم نتيجة الإغلاق، ولا يمكن مستقبلا التدارك، حيث من المرتقب أن يشهد القطاع تركيزا لدى بعض الفاعلين الذي سيسيطرون عليه”.
وتابع: “حتى بعد الانتعاش التدريجي للقطاع السياحي، المستفيد الأكبر هي الدول الكبرى التي ستصمد، ونتوقع أن يأتي فاعلون أجانب للاستقرار في المغرب، بينما ستتضرر الشركات المغربية الصغيرة”.
** تأثر النمو
ويرى فقير، أنه “من السابق لأوانه الحديث عن أرقام تتعلق بمدى تأثر نسبة نمو الاقتصاد المحلي”.
وقال: “مساهمة السياحة في الناتج الداخلي الخام 10 بالمئة، وقد تكون أكبر، أخذا بعين الاعتبار السياحة غير التقليدية والاقتصاد غير المنظم وما يتعلق بنشاط المغاربة المقيمين في الخارج، وأيضا الصناعة التقليدية”.
** احتجاجات المهنيين
وقال خالد مفتاح، الكاتب العام لوكالات السفر المغربية، في تصريح للأناضول: “قطاع السياحة بصفة عامة ووكالات السياحة خاصة، تكبدوا خسائر مادية جسيمة منذ بداية الجائحة”.
والثلاثاء 4 يناير الجاري، احتجت وكالات السفر المغربية أمام مقر وزارة السياحة في الرباط، وأفاد مفتاح: “نشاطنا توقف نهائيا، إثر غلق الحدود وإقرار إجراءات تسببت في نسف القطاع برمته”.
وزاد: “للأسف لا توجد آذان صاغية، من طرف القطاع الحكومي الوصي على السياحة في المغرب”.
ودعا مفتاح إلى تدخل الدولة من أجل خطة شاملة لإنقاذ القطاع من الإفلاس، مضيفا: “لدينا مطالب مشروعة، في مقدمتها الإعفاء من الضرائب، والاستمرار في دعم شغيلة القطاع”.
وتابع: “نطالب أيضا بتأجيل أداء القروض من طرف البنوك، وإلا ستعلن كل الوكالات إفلاسها مستقبلا.. القطاع سيعاني مستقبلا من أزمة ثقة، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وتتدخل قبل فوات الأوان”.
وفي السياق، قال تجمع مهنيو النقل السياحي (غير حكومي)، إنه “راسل البنك المركزي المغربي، من أجل تقديم مقترحات الحلول للخروج من الأزمة، ومن أجل الوساطة مع المؤسسات البنكية”.
وزاد التجمع في بيان له، عقب قرار السلطات إغلاق الحدود مجددا: “الأزمة التي يمر منها القطاع اليوم هي نتيجة لقوة قاهرة فرضتها الجائحة”.
وأضاف: “جل مقاولات النقل السياحي كانت قبل الجائحة تسدد قروضها بشكل مستمر، ولم تتوقف عن الأداء إلا بعد التوقف عن العمل بسبب القيود الاحترازية”.
** خسائر عام 2021
بحسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، شهدت عائدات السياحة تراجعا بنسبة 0.7 المئة عند متمم أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، لتصل 28.5 مليار درهم (3.07 مليار دولار).
وأوضحت المديرية في مذكرة نشرتها بموقع الوزارة، أن “عائدات السياحة انخفضت بنسبة 57.4 بالمئة، أي 38.5 مليار درهم مقارنة مع مستواها قبل الأزمة”.
وتشكل السياحة المغربية بين 7 – 10 بالمئة من الناتج المحلي للمغرب، ويعمل بها أكثر من نصف مليون شخص، بحسب وزارة السياحة.
وتعتبر السياحة في المملكة، مصدرا رئيسا للنقد الأجنبي إلى جانب الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج.
وبلغت إيرادات القطاع السياحي في المغرب من النقد الأجنبي 223.9 مليار درهم (24.36 مليار دولار) بين 2017 و2019.
الأناضول