دخل التعاون المشترك بين البنك المركزي التونسي ومصرف ليبيا المركزي مرحلة جديدة، بعد إبرامهما مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في المجالات المصرفية وتطوير التكنولوجيا المالية.
وذكر مصرف ليبيا المركزي في بيان نشره على حسابه في فيسبوك أن الاتفاقية تنص على “إطلاق المبادرات وتدريب الشباب الليبي لمواكبة التطور في المجال المصرفي، وتشجيعهم على الابتكار عبر إطلاق معامل التكنولوجيا المالية”.
وأوضح أن الاتفاق ينص كذلك على تبادل المعلومات وتطوير الرقابة المصرفية الفعالة والسياسة النقدية وتطوير نظم المدفوعات.
وتأتي الخطوة تتويجا للتحركات التي يقوم بها البلدان لإعادة التعاملات التجارية والاقتصادية والمالية، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس قيس سعيّد إلى طرابلس في مارس الماضي، لنفض غبار الركود على العلاقات بين الجارين بسبب ظروف الحرب في ليبيا.
وثمة مساع حيثثة بالفعل منذ فترة لإعادة إحياء مشروع إصدار بطاقات ائتمان مشتركة ودعم تنفيذه، لتعزيز عمليات الدفع الإلكتروني لفائدة التونسيين والليبيين أثناء تنقلهم بين البلدين.
وتفرض التحديات التي تعترض السلطات النقدية الليبية الاستعانة بخبرات جيرانها العرب لكسب تحدي الشمول المالي، حتى تتلاءم مع التطور في تقديم الخدمات المالية، بعد أن عانى هذا الكيان من انعكاسات الحرب التي شهدتها البلاد.
وقبل الاتفاق على إنهاء الحرب، عانى الليبيون وأصحاب الأعمال من مشكلة الحصول على السيولة من البنوك، التي لا تزال تتخبط تحت وطأة الانقسام، مما يبقي الاقتصاد المعتمد على الريع النفطي في دائرة الخطر جراء الشلل التام الذي يضرب كافة القطاعات.
وكان محافظ المركزي التونسي مروان العباسي قد أكد أواخر الشهر أهمية التعاون مع مصرف ليبيا المركزي، لإرساء بيئة عمل ملائمة للاستثمار والتجديد والابتكار في مجال التقنيات المالية في البلدين.
ويعاني القطاع المصرفي في ليبيا من الترهل والانقسام، حيث لم يكن متطورا بما فيه الكفاية نتيجة لا مبالاة السلطات النقدية بسبب إدمان البلد على ريع النفط.
وأشار العباسي أثناء مشاركته في قمة “بناء ليبيا الرقمية” التي نظمتها المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات بالتعاون مع الهيئة العامة للاتصالات والمعلوماتية في ليبيا، إلى ضرورة التعاون بين المصرفين وتبادل الخبرات في مجال البيئة الرقابية التجريبية.
وقال “إنهم (السلطات النقدية الليبية) اتفقوا على مشاركة المركزي التونسي في إنشاء بيئة رقابية تجريبية في مصرف ليبيا المركزي، عبر نقل الخبرات في هذا المجال والاتفاق على اختبار تطبيق لتسهيل عمليات المقاصة عبر الحدود بين البنوك المركزية”.
ولفت العباسي إلى أنه يمكن العمل على تعميم تجربة اعتماد الشركة المصرفية المشتركة للمقاصة “السيبتال” كمنصة احتياطية لشبكة سويفت لفائدة البنوك التجارية الليبية، بعد نجاح التجربة مع مصرف ليبيا المركزي.
ويرى خبراء أن نموذج الشراكة الذي يطمح إليه البلدان لن يكتمل إلا بانتهاء الأزمة السياسية والعسكرية في ليبيا، ومن ثم تفعيل كل الاتفاقيات باعتبارها القاعدة الرئيسية، وذلك استكمالا لمبدأ التكامل الاقتصادي الذي لم يتحقق بشكل فعلي، رغم المحاولات الشاقة منذ سنوات طويلة.
المصدر العرب