كشف تقرير دقيق أعده نواب في البرلمان الجزائري يمثلون الجالية الجزائرية في الخارج، عن استمرار معاناة الجاليات المقيمة في الخارج نتيجة استمرار غلق الحدود وضعف حركة النقل إلى البلاد، والآثار الاقتصادية الوخيمة التي تكبدتها شركات النقل والسياحة.
وأكد التقرير الذي أعده نواب ينتمون إلى حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب المعارضة في البرلمان، عبد الوهاب يعقوبي وتوفيق خديم عن منطقتي شمال وجنوب فرنسا، والنائب إبراهيم دخينات عن منطقة أميركا وبقية أوروبا، وسُلم إلى رئيس البرلمان ورئاسة الجمهورية، أن الجزائر “لم تعد قادرة بعد الآن على تحمل قرارات الغلق والانطواء بقرارات إدارية في عالم منفتح تتزايد فيه المنافسة”.
وأشار خاصة إلى ذلك “بعد توالي إجراءات إزالة الحجر السارية على نطاق واسع في جميع دول العالم، وتخفيف القيود في كل الأماكن، واستئناف شركات الطيران وشركات النقل البحري والمؤسسات السياحية أنشطتها بصفة عادية”.
وطالب السلطات بضرورة “الأخذ بمقترحات الفتح الكامل للحدود ببداية تكثيف الرحلات الجوية والبحرية تدريجياً، ولكن بوتيرة عاجلة للغاية، بما يلبي بشكل كامل الانشغالات ذات أولوية لدى جاليتنا الوطنية في الخارج”.
واستغرب التقرير الذي حصل “العربي الجديد” على نسخة منه “تأخر فتح الحدود البرية مع تونس، رغم التحسن اللافت للظروف الصحية في البلدين، حيث تعاني العديد من العائلات على جانبي الحدود حالات تمزق مأساوية، بعد إغلاق الحدود الجزائرية التونسية”.
وطالب النواب بفتح فوري للحدود لإنهاء معاناة الجزائريين، حيث “سيؤدي الفتح إلى تقليل الطلب القوي على مقاعد الطائرات بشكل كبير”.
وكانت السلطات الجزائرية قد أغلقت الحدود البرية مع تونس منذ 16 مارس/ آذار 2020، بسبب الأزمة الوبائية، وتقرر قبل أيام إعادة فتحها، على أن يتم إعلان القرار في غضون أيام، خاصة مع قرب زيارة مقررة للرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس، لم يُكشف عن موعدها بعد.
ويشير التقرير إلى حالة الجزائريين المقيمين في المغرب، وصعوبة العودة إلى الجزائر، خاصة بعد قطع الحدود، وأوضح التقرير أن “آلاف المواطنين المقيمين في المغرب تقطعت بهم السبل، خاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، إضافة إلى إيقاف الخطوط الجوية”، واقترح النواب “فتحاً استثنائيا محددا بوقت للحدود لاستقبال مواطنينا في ظروف حسنة”.
وكان النواب الثلاثة كشفوا عن مساعيهم منذ يوليو/تموز الماضي، بشأن أوضاع الجالية، حيث التقوا عددا كبيرا من المسؤولين في الحكومة، أبرزهم وزير الخارجية رمطان لعمامرة، ومستشار الرئيس المكلف بالجالية في الخارج وسفير الجزائر في فرنسا عنتر بوداود، وعدد من القناصلة، لإبلاغهم بطبيعة الظروف التي يمر بها أفراد الجالية نتيجة استمرار غلق الأجواء والحدود، والفتح الجزئي للرحلات الجوية التي بدت غير كافية لتمكين الجالية من التواصل مع البلاد.
كما أشار التقرير إلى أن “أعداء الجزائر يستثمرون في حالات الغضب والإحساس بالإهانة لاستقطاب المتضررين إلى الحركات الانفصالية التي تهدد الوحدة الوطنية، والاستجابة السريعة لهذه الانشغالات الشرعية لجزائريي الخارج ستوطد علاقاتهم مع البلاد ومؤسساتها”.
ونبّه النواب الحكومة إلى التداعيات الاقتصادية الإيجابية للفتح الكلي للحدود “من أجل بعث حياة جديدة في اقتصادنا السياحي، ويحمي مئات الآلاف من الوظائف في قطاعات النقل البحري والجوي والسياحة”.
وطالبوا بـ”تكثيف الرحلات الجوية من فرنسا إلى حدود 69 رحلة أسبوعيا من مختلف المدن، كباريس وليل وليون ونيس ومارسيليا، إضافة إلى “تلبية الطلب القوي للجزائريين الموجودين في المدن العواصم والمدن الكبرى كبروكسل ولندن ومونتريال وجنيف ومدريد وأليغانتي وروما وميلانو وإسطنبول، وكذا حاجيات الجالية في الدول العربية في القاهرة وتونس وبيروت والدوحة ودبي”.
إفلاس شركات نقل وسياحة
وكشف التقرير أن حزمة الآثار الاقتصادية والتبعات السلبية التي خلفها قرار الاستمرار في الإغلاق الجزئي للحدود، والذي “أدى إلى خنق الاقتصاد السياحي، حيث تعاني الفنادق ووكالات السفر وجميع المهن السياحية الأخرى بشدة”.
أضاف: “وقد كانت السياحة من أكثر القطاعات الاقتصادية تضررًا من الوباء، إذ يكافح المتعاملون الاقتصاديون في عالم السياحة كثيرا من أجل النجاة من تبعات الغلق، وقد أظهروا مرونة وإبداعًا لتجاوز الأزمة وتأمين وظائفهم واستمرار أعمالهم”، مشيرا إلى أن “الفتح الكلي للحدود وأنشطة النقل، سيعيد النفس لهذه الشركات، ويسمح لها بالوقوف من جديد، كما أنه سيضمن لها استمرارية الأنشطة”.
ولفت المصدر نفسه إلى الخسائر التي تكبدتها شركة الخطوط الجوية الجزائرية بسبب الصعوبات المالية التي تزداد سوءا، إذ أدت الأزمة إلى تفاقم هشاشة الشركة، إضافة إلى المطالبة بتعويض آلاف التذاكر غير المستخدمة، وهو ما دفع بالشركة إلى طلب الحصول على مساعدة الدولة، لا سيما لتعويض التذاكر.
وقدّر التقرير خسائر الشركة بنحو 80 مليار دينارعام 2020، أي ما يقارب نصف مليار دولار، فيما من المتوقع أن تكون خسائرها كبيرة أيضا في عام 2021.
وأشار إلى استغلال شركات جوية أخرى هذا الوضع لصالحها، إذ “بينما تظل طائرات وطنية عدة راكدة غالبا، تشغّل الشركات الأجنبية الأخرى أسطولها الجوي في رحلات منتظمة منذ عدة أشهر”.
وكشف التقرير أن خسائر الشركة الجزائرية للنقل البحري للمسافرين، بلغت 14 مليار دينار جزائري، أي نحو 200 مليون يورو، حيث تأثرت الشركة بشدة من غلق الحدود، وألغت 750 رحلة بحرية، مما أدى إلى خسارة تناهز 500 ألف مسافر وتضييع إمكان نقل أكثر من 150 ألف مركبة، مشيرة إلى أن الشركة ستكون على وشك الإفلاس، بعدما صارت عاجزة حتى عن دفع رواتب موظفيها، في حال استمر الوضع الراهن.
العربي الجديد