تراهن تونس على منتدى تمويل الاستثمار والتجارة في أفريقيا لإنعاش اقتصادها ومعالجة إشكاليات التمويل التي تواجه المشاريع جراء جائحة كورونا، حيث يهدف المنتدى الذي ستكون ليبيا أحد أهم محاوره على إنشاء منطقة لوجيستية في الحدود الليبية لتسهيل انسيابية السلع التونسية والليبية نحو أفريقيا جنوب الصحراء.
يترقب مجلس الأعمال التونسي الأفريقي تنظيم الدورة الرابعة لمنتدى تمويل الاستثمار والتجارة التي ستنطلق في 24 يونيو المقبل وتدوم ثلاثة أيام في تونس وستكون بإشراف خاص من رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي هذا السياق قال رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي أنيس الجزيري في مقابلة خاصة مع “الـعرب” إن “الدورة الرابعة ستستقبل جهات مانحة ومؤسسات مالية عالمية على غرار البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وبنك التصدير والتوريد في أفريقيا وبنك أفريكا فايننس كوربورايشن وبنك بان أفريكان”.
وأضاف أن “عديد الشخصيات الاقتصادية الأفريقية ستحضر هذا الملتقى وستنظم لقاءات ثنائية كما يستقبل المنتدى لأول مرة أكبر صندوق استثمار أفريقي وهو بنك أفريكا 50 المختص في تمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة”.
وتابع أن “المنتدى الذي سيدور لثلاثة أيام سيحتوي على ورشات عمل للتعريف بالصناديق الاستثمارية الجديدة وسيشمل حوارات بين وزراء من بوركينا فاسو والكامرون والنيجر ومختلف البلدان الأفريقية، فيما ستكون هناك دولتان مانحتان وهما جمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيا وسيضم نساء ورجال أعمال من مختلف البلدان الأفريقية”.
ويهدف المنتدى إلى معالجة إشكاليات التمويل التي تواجه الشركات والمشاريع الأفريقية الناشئة، وذلك عبر تقديم حلول تمويل توفرها الصناديق والبنوك لإنعاش الاقتصادات الأفريقية لاسيما بعد تعثر التمويل والأزمات التي خلفتها جائحة كورونا.
وأشار أنيس الجزيري إلى أن “خصوصية المنتدى تكمن في تخصيص اليوم الثالث لليبيا، حيث سيركز على ورشة بعنوان ‘التوأم التونسي الليبي نحو أفريقيا’ بهدف إحياء طريق العبور وتجارة العبور ما يسمح بجعل ليبيا وتونس بوابتان لأفريقيا وبلدان أوروبا وآسيا كما سيشهد المنتدى حضور وزير المواصلات الليبي محمد الشهوري ووزير الصناعة والمعادن أحمد أبوعيسى”.
وشدد على أن المنتدى “سيواصل متابعة مخرجات المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي بمحافظة صفاقس في 11 مارس الماضي كما سيتابع مخرجات المعرض التونسي الليبي في طرابلس الذي انتظم مؤخرا لدعم أسس التعاون مع ليبيا وتفكيك بعض العقبات لافتا إلى أهمية إلغاء الرسوم على اعتمادات السلع عبر البر بين البلدين في تعزيز آفاق التجارة”.
وشدد على “ضرورة دعم تعاون تونسي ليبي للتركيز الثنائي على قارة أفريقيا وذلك من خلال التسريع في تنفيذ مشاريع الطرق ومد السكك الحديدية والمناطق اللوجستية في الحدود عبر الجنوب الليبي بمنطقة سبها لتسيهل انسيابية البضائع التونسية والليبية نحو أفريقيا جنوب الصحراء”.
كما أشار الجزيري إلى “وجود تعطيل كبير في المنافذ بين تونس وليبيا من الجانبين، مؤكدا الاتفاق على تسهيل العبور بين البوابتين”. كما أفاد بـ”وجود اتفاق لفتح خط بحري تجاري بين تونس وليبيا، ومنطقة لوجستية في منطقة بن قردان الحدودية لتكون منطقة تجارية حرة تسهل التجارة بشكل كبير، كما تم التأكيد على إكمال إنجاز الطريق السيارة تونس ليبيا”.
وأكد رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي أن “مشاركة الشركات التونسية في ليبيا خلال المعرض الذي انتظم بالعاصمة الليبية طرابس إيجابية وأعادت تفعيل الشراكات”.
وأفاد أن “عديد الشركات في القطاع الخاص حصلت على عقود كما حصلت شركات القطاع العام على عقود مهمة في ميدان التجهيز والإسكان والبنية التحتية، حيث حصلت الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية (سنيت) على نحو 800 مشروع لبناء مساكن اجتماعية في ليبيا كما بدأت الوكالة العقارية الصناعية التونسية دراسة مشروع منطقة صناعية كبيرة في طرابلس لتنفيذها لاحقا ما سيحل آفاقا في مناطق أخرى”.
وأوضح أنيس الجزيري أن “وزير المواصلات الليبي شدد على أولوية تونس في مشاريع الطرقات على الجانب الغربي إضافة إلى حصول تونس على عقود العديد من المشاريع في مجالات الكهرباء والطاقة”.
وشدد على أن “هذه المشاريع ستكون نقطة مفصلية لإعادة تموقع تونس في ليبيا مشددا على أن المهم هو المتابعة والميدان والشركات وعودة الشركات التونسية إلى ليبيا لافتكاك حصتها من السوق في ظل المنافسة الشرسة”.
وأكد أن “لتونس امتيازات ومقومات التنافسية والخبرات والمهارات التي تجعلها في أولوية على بقية البلدان خصوصا في تجارة البرّ ونقل السلع”.
وتعد ليبيا ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، كما كانت تحويلات قرابة 150 ألف تونسي، كانوا يشتغلون في ليبيا قبل سنة 2010، تبلغ نحو 60 مليون دينار (21.9 مليون دولار) تونسي في الشهر.
وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي قام بزيارة هي الأولى إلى ليبيا في 22 مايو الماضي، مصحوبا بوفد رفيع المستوى ضم ممثلين من المنظمات الوطنية ورجال الأعمال من أجل بناء تعاون اقتصادي جديد والاستفادة من مخطط إعادة الإعمار.
وفي نوفمبر الماضي، تم فتح الخطوط التجارية عبر المعابر التونسية الحدودية مع ليبيا بعد 8 أشهر من إغلاقها، وكانت عمليات التصدير بين البلدين قد تعثّرت بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية، غير أنها اصطدمت بجائحة كورونا وتواصل القيود التي فرضتها سلطات البلدين على المسافرين.
وفي وقت سابق أعلن وزير النقل الليبي محمد سالم الشهوبي “أنه اتفق مع نظيره التونسي كمال الدوخ على تكوين لجنة مشتركة بين البلدين ستشرف على استكمال الطريق السريعة تونس-ليبيا، وتكون مرتبطة بمعبر رأس الجدير خلال فترة زمنية وجيزة لتعزيز حركة النقل البري بين البلدين”.
وأضاف الشهوبي في افتتاح ورشة حول البناء والبنية التحتية التي نظمها مجلس الأعمال التونسي الأفريقي في طرابلس “أنه تم الاتفاق أيضا على فتح معابر حدودية جديدة لتسهيل حركة تنقل المواطنين الليبيين نحو تونس وتكوين لجنة تعنى برفع كل المعوقات التي تحد من حرية تنقل الليبيين بالمنافذ البرية”.
وخلال السنوات الأخيرة حاولت الشركات التونسية تعزيز حضورها في قارة أفريقيا وتمكنت منذ تأسيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي من تأسيس نحو 60 مؤسسة في الكوت ديفوار وأكثر من 10 مؤسسات في السنغال.