لفت موقع “grid.news” إلى سلسلة من الانهيارات الاقتصادية التي من المحتمل حدوثها في المراحل المقبلة، قائلاً إنها “يمكن أن تزعزع استقرار حياة الملايين من الناس”.
وجاء في التقرير الذي نشره الموقع أنّ “ما حدث في سريلانكا لن يقتصر عليها، إذ إن مجموعة من البلدان في جميع أنحاء العالم من تونس إلى مصر، وكينيا إلى الأرجنتين، وما وراءها تئن تحت أكوام ديونها الضخمة”.
وتابع أنّ “القصة واضحة ومباشرة مع ارتفاع الأسعار العالمية وأسعار الفائدة، الأمر الذي يشكل ضغطاً على الموارد المالية لهذه البلدان، التي تكافح من أجل دفع الفوائد التي تدين بها على جميع القروض التي حصلت عليها في السنوات الأخيرة”.
وفي أسوأ السيناريوهات، “نحن نتوجه إلى ديستوبيا كاملة”، “نهاية العالم” لبعض أفقر الدول، والخشية هي حدوث موجة من “الدمار الاقتصادي الرهيب في العديد من البلدان، ونوع من الانحدار إلى مزيج من أمراء الحرب وعدم المساواة والمعاناة المادية الشديدة، والكثير من عدم الاستقرار”.
وحدد تحليل أجرته “بلومبرغ إيكونوميكس” مؤخراً 19 دولة، يرى المتداولون في الأسواق المالية احتمالاً واضحاً بأن هذه البلدان قد تكون غير قادرة على سداد مدفوعات الفائدة على ديونها، وهذا، بدوره، قد يجبرها على الذهاب إلى مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي من أجل الإنقاذ.
واعتماداً على البلد، تتراوح الديون بالدولار الأميركي من عشرات الملايين إلى المليارات. قد تحصل بعض الدول على خطة إنقاذ دون البعض الآخر، بسبب الشروط الصارمة التي يضعها صندوق النقد الدولي.
وبالنسبة إلى الاقتصاديين، هذا يعني أن المشاهد التي رأيناها مؤخراً في سريلانكا، يمكن أن تكون الفصل الأول في كابوس عالمي جديد.
وبالفعل، دفعت الضغوط المتعلقة بالديون باكستان إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، إذ أثارت الموارد المالية الممتدة اضطرابات واسعة النطاق، ما يهدد استقرار دولة مسلحة نووياً تقع في واحدة من أهم أركان العالم من الناحية الاستراتيجية.
ووافق صندوق النقد الدولي على المساعدة من حيث المبدأ، لكن الأموال لم تصل بعد، بسبب المخاوف في صندوق النقد الدولي بشأن امتثال باكستان لخطة إنقاذ سابقة في عهد رئيس الوزراء السابق عمران خان.
وجاء دليل على مدى أهمية الصفقة لاستقرار باكستان الشهر الماضي، عندما ورد أن قائد الجيش في البلاد كان يسعى للحصول على مساعدة الولايات المتحدة في محاولة تحرير الأموال.
وفي أفريقيا، نما اقتصاد كينيا ليصبح سادس أكبر اقتصاد في القارة، ولكن في الوقت نفسه، تراكمت على البلاد ديون ضخمة، ارتفعت مدفوعات الفائدة على الديون إلى ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي للحكومة، وتواجه البلاد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود نتيجة الأزمة في أوكرانيا، ما دفع المحللين إلى القول إن الديون دفعت كينيا إلى حافة الهاوية.
ولفهم كيف انتهى الأمر بالعالم في هذا المنعطف الكارثي المحتمل، يقول الخبراء إن الأمر يعود إلى الأزمة الاقتصادية العالمية 2007-2008، والتي أدت إلى خفض أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، الأمر الذي جعل اقتراض الأموال رخيصاً بالنسبة إلى العملاء العاديين والحكومات حول العالم.
وبالنسبة إلى المستثمرين التجاريين، كانت أسعار الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة وأوروبا تعني أنه ليس من المنطقي وضع رؤوس أموالهم في الغرب، وبدلاً من ذلك، سعوا إلى الاستثمار في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وما يختلف عن الماضي هو أن هذه الدول أخذت القروض ليس من الدائنين الثنائيين أو متعددي الأطراف (الدول الغنية أو المؤسسات الدولية الكبرى)، بل من دائنين من القطاع الخاص.
والآن، بينما يعيش العالم مستويات قياسية من التضخم، والبنوك المركزية ترفع أسعار الفائدة، تواجه البلدان الفقيرة فواتير أعلى لخدمة الديون التي جمعتها، هذا في وقت تواجه فيه أيضاً ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والوقود.
ويتتبع صندوق النقد الدولي نحو 73 دولة مثقلة بالديون، ويقدر أن ما يقرب من 40 منها معرضة لخطر كبير بما يسميه ضائقة الديون: بعبارة أخرى، هذه الدول إما تحاول بنشاط إعادة هيكلة ديونها، أو تستعد للقيام بذلك أو تتخلف بالفعل عن السداد.