أعلنت شركة أوروبا أويل آند غاز المدرجة في بورصة لندن عن اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز بسواحل أغادير جنوب المغرب مما يعطي أملا للرباط من أجل الحصول على إيرادات مستدامة مستقبلا بعد بدء عمليات الإنتاج رسميا.
ويتجاوز الاحتياطي المكتشف قرابة ملياري برميل من المكافئ النفطي في حقل إنزكان أوفشور، بعد حفر مجموعة من الآبار بالمنطقة البحرية وذلك على مساحة تغطي أكثر من 11 ألف كيلومتر مربع.
وأوردت الشركة البريطانية في بيان أنها “حفرت عشر آبار في المياه البحرية العميقة إلى حدود الساعة لكن أغلب المنطقة البحرية ما تزال غير مستكشفة بالنحو الكافي”، مشيرة إلى أن الحقل يحتوي على إمكانات غازية مهمة.
ويستحوذ العملاق البريطاني على نحو 75 في المئة من امتياز حقل إنزكان البحري، في المقابل يمتلك المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن المغربي على الحصة المتبقية.
ويمتد ترخيص التنقيب عن الغاز في سواحل أكادير إلى ثماني سنوات، بمرحلة أولية وصلت إلى ثلاث سنوات بعد التمديد.
ويراهن المسؤولون المغاربة على دخول شركات طاقة عالمية للبلاد بعد تأكيدهم قبل أكثر من ثلاث سنوات على وجود احتياطات كبيرة من النفط والغاز تحتاج لمن يقوم باستخراجها.
ويبدو أن الاهتمام الذي يثيره نفط المغرب وغازه قد تنامى كثيرا بفضل ما قدمته التكنولوجيا للشركات من المساعدة لاكتشاف حقول جديدة على مدى العقد الماضي بمناطق تم تجاهلها سابقا.
وتعليقا على إعلان الشركة البريطانية، أكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أنه من السابق لأوانه الجزم بالمعطيات التي قدمتها الشركة البريطانية أيوروبا أويل آند غاز عن وجود كميات كبيرة من النفط تقدر بحوالي 2 مليار برميل.
وعرض ساري في تصريح لـ“العرب” أهم الأسباب لإعلانات سابقة مثلا لشركات بريطانية أخرى كساوند إنيرجي أو نداوز أو أس ميديكس التي توقعت سنة 2020 وجود كميات كبيرة من الغاز شرق المغرب بتندرارة تفوق 20 مليار طن من الغاز لكن “واقع الحال أننا إلى حد الآن نستورد حاجياتنا من الطاقة”.
وأشار فريق خبراء الشركة البريطانية إلى أن حقل إنزكان يتوافق من الناحية التقنية والاستراتيجية مع حوض بوركوباين قبالة سواحل أيرلندا، تبعا للنتائج المستكشفة في الأسابيع الأخيرة، لافتاً إلى أن الإنتاج في حال التأكد النهائي من المخرجات التقنية سيكون وافراً.
وتواصل مجموعة من الشركات البريطانية مسلسل التنقيب عن الغاز الطبيعي بمختلف مناطق البلاد بعد فترة توقف طويلة السنة الماضية، بسبب التداعيات الاقتصادية والصحية الناجمة عن تفشي الجائحة.
ونشر بيان للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن موضحا بأن الشركة البريطانية تمتلك رخصة التنقيب إنزكان، قبالة سواحل مدينة أغادير جنوب المغرب بشراكة مع المكتب.
وذكر المكتب في البيان أن الأشغال الجيولوجية وتفسير المعطيات المتاحة جيولوجيا والنشاط الزلزالي ثنائي وثلاثي الأبعاد والآبار القديمة مكنت من تحديد عدة احتمالات اكتشاف تقدر مواردها المحتملة من قبل الشركة بملياري برميل، مسجلا أن “الأمر يتعلق بموارد محتملة، وليس باحتياطيات مؤكدة”.
وأكد ساري أن التخوف الحقيقي أن يكون الهدف من الإعلان “عن هذه الأخبار السارة” هو هدف مالي واستراتيجي للشركة من أجل الرفع من أسهمها خاصة وأن الشركات العاملة في ميدان الطاقة سجلت خسائر كبيرة في العام الماضي وصلت إلى 250 مليار دولار.
واستدرك الخبير الاقتصادي، أنه في حالة صحة هذه المعطيات فسيتمكن المغرب من سد حاجياته من الطاقة على مدى 15 سنة، كما سيتمكن من الحد من عجز الميزانية وكذلك سيتمكن من الدخول إلى نادي الدول المنتجة للنفط والغاز.
وسجلت فاتورة الطاقة ارتفاعا بنسبة 21 في المئة خلال النصف الأول العام الجاري ويعزى ذلك حسب مكتب الصرف المغرب في آخر نشرة متعلقة بمؤشرات المبادلات الخارجية، إلى ارتفاع كلفة شراءات الغازوال والفيول والتي زادت بنحو 3.27 مليار درهم (365 مليون دولار).
وتعتزم الشركة البريطانية اتباع خطة أولية قائمة على برنامج عمل منخفض التكلفة، بما في ذلك عمليات إعادة المعالجة الزلزالية، حتى تتمكن من جعل الهياكل المحتملة قابلة للحفر على مدار العامين المقبلين؛ ومن ثم جذب شركاء جددا.
وأشار المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن إلى أن عملية التنقيب ستستمر بأشغال محددة وتكميلية لفهم أفضل للنظام البترولي واستهداف أحسن للبنيات التي يتعين حفرها.
وأكد خبراء المكتب أن شركة أوروبا أويل آند غاز أطلقت عملية البحث عن شريك تتقاسم معه التكاليف المتعلقة باستثمارات فترات التنقيب المقبلة، مسجلا أن هذا الإجراء الذي تلجأ إليه الشركات من كافة الأحجام شائع جدا في مجال التنقيب عن النفط.
وكانت الشركة البريطانية ساوند إنيرجي قد أبرمت نهاية يوليو الماضي مع شركة أفريقيا غاز التابعة لمجموعة أكوا المغربية عقدا لبيع الغاز الطبيعي المسال المستخرج من مشروع تندرارة بإقليم فجيج، وذلك لمدة عشر سنوات.
ومباشرة بعد التوقيع ارتفعت أسهم شركة ساوند إينرجي البريطانية المستثمرة في مشاريع التنقيب عن الغاز الطبيعي في المغرب.
وتعتبر ساوند إنيرجي واحدة من بين عدة شركات عالمية تخطط لضخ استثمارات في قطاع الغاز والنفط بفضل الأرضية الصلبة التي يوفرها المغرب في مجال الأعمال.
وتتوفر الشركة على تراخيص التنقيب عن الغاز الطبيعي في حقل تندرارة على مساحة تناهز 14 ألف كيلومتر مربع. ويعتبر هذا الحقل من أهم اكتشافات الشركة بعد حفرها 10 آبار.
وبحسب بيان للشركة يتضمن العقد بيع حد أدنى يصل إلى 100 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويًا، ويتعلق الأمر باستثمار يقدر بنحو 2.8 مليون دولار لشركة أفريقيا غاز في ساوند إنيرجي.
ويرى ساري أن المغرب يستفيد من خبرات الشركات البريطانية خاصة لمجموعة من الأسباب أهمها المرونة في العقود حيث سيتمكن في مرحلة أولى من الاستفادة من نسبة 25 في المئة لمدة متوسطة غالبا لا تتعدى 20 سنة.
وأوضح أن الشركات البريطانية معروفة بانضباطها وكفاءتها أضف إلى ذلك فاتورة التنقيب التي تبقى منخفضة بالمقارنة مع شركات عالمية أخرى.
ويقول المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن إن شركات النفط المدرجة في البورصة ملزمة بإصدار إعلانات لإبلاغ المستثمرين والهيئات التنظيمية للبورصة بشأن أنشطتها.