قرر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تمويل تكنولوجيات التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، بمنح المغرب قرض قيمته 25 مليون يورو، منها 1.25 مليون يورو من طرف الصندوق الأخضر للمناخ، وذلك في إطار دعم التحول الإيكولوجي في المغرب لدعم فرص الشغل وخلق الثروة التي يوفرها الاقتصاد الأخضر.
وسيتم صرف هذا القرض في شكل قروض فرعية يمنحها البنك المغربي للتجارة والصناعة للخواص المغاربة والشركات الصغرى والمتوسطة والمؤسسات الكبرى، للاستثمار في تكنولوجيات التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.
وأبرز مدير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب أنطوان سالي دو شو استعداد مؤسسته لمواكبة الجهات وعمال الأقاليم في برامجهم الاستثمارية، ومساعدتهم في الحصول على الموارد الضرورية للاضطلاع بدورهم على أكمل وجه في ما يتعلق بالتخطيط الجهوي.
وتابع المسؤول الأوروبي أن “البنية التحتية للنقل والخدمات المحلية كلها معنية بخفض الكربون، ولدينا خبرة كبيرة أيضا في هذا المجال، خصوصا من خلال برنامج المدينة الخضراء، الذي نرغب في نقله إلى المغرب”.
ويشكل الاقتصاد الأخضر إحدى ركائز عمل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب، والتي تم تحديدها خلال اجتماعه السنوي الأخير، والتي تتناسب مع الجهود التي يبذلها المغرب للاستجابة لهذه التحديات البيئية والاقتصادية.
وقال المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية سعيد مولين، في ندوة تحت عنوان “الاقتصاد الأخضر بالمغرب: استراتيجية مكافحة التغير المناخي والاتفاق الأخضر الأوروبي الجديد”، انتظمت بالرباط، “إن الاقتصاد الأخضر يزخر بإمكانات كبيرة من حيث خلق فرص الشغل في جنوب وشمال حوض المتوسط”، مبرزا أن عدد مناصب الشغل في المهن المستقبلية المرتبطة بالاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر يمكن أن يزداد بشكل كبير بفضل الدعم وبناء القدرات.
ووفقا للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، يروم بنك المشاريع الاستثمارية الذي تم إطلاقه في سبتمبر الماضي، تشجيع ريادة الأعمال الصناعية الخضراء، وتأكيد المكانة الصناعية للمغرب، وتموقعه في أسواق جديدة مرتبطة بالاقتصاد الأخضر.
وأفاد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في بيان له بأن حزمة كاملة من المساعدة التقنية وحوافز الاستثمار الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي، ستدعم البنك المغربي للتجارة والصناعة في تنفيذ البرنامج.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتبر “هذه الحزمة بمثابة مساعدة ملموسة للشركات لإيجاد وتمويل الحلول الأنسب لانتقالها إلى الاقتصاد الأخضر في المغرب”.
ويأتي هذا التعاون الرابع بين البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك المغربي للتجارة والصناعة، بعد الاستفادة من خط تمويل لدعم ريادة الأعمال النسائية في سبتمبر 2018، وخط تمويل لدعم المشاريع الخضراء والمسؤولة بيئيا في فبراير 2019، وخط تمويل لدعم المعاملات الدولية للمصدرين والمستوردين المغاربة في يوليو 2019.
وسيقدم الاتحاد الأوروبي دعما ماليا ومساعدة تقنية لمساعدة المواطنين والشركات والجهات الأكثر تضررا، للانتقال نحو اقتصاد أخضر، عبر تعبئة 100 مليار أورو على الأقل في الفترة ما بين 2021 و2027 في المناطق الأكثر تضررا منها المغرب.
وسبق لممثلة بنك الاستثمار الأوروبي في المغرب آنا بارون أن أكدت أن البنك مستعد لدعم وضع الشراكة الخضراء بين المغرب والاتحاد الأوروبي، من خلال تمويل الاستثمارات ذات القيمة المضافة القوية من حيث تغير المناخ.
ويدعو الميثاق الأوروبي الأخضر، الذي يهدف إلى تحييد الكربون بالقارة الأوروبية بحلول سنة 2050، إلى تشجيع استعمال ناجع للموارد عبر الانتقال إلى اقتصاد نظيف ودائري، واستعادة التنوع البيولوجي وتقليص التلوث.
وباعتباره ملتزما دوليا ومحليا من أجل النهوض بالطاقة الخضراء وتطويرها، أطلق المغرب “خلية عمل مُكلّفة بالاقتصاد الأخضر”، بهدف النهوض وتطوير منظومة فعالة مخصصة لتنمية المشاريع الخضراء، المحدثة لفرص عمل دائمة، وداعمة للصناعة الوطنية.
وستعمل الوكالة من خلال هذه الخلية على تسهيل وتعزيز الاستثمارات المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، ولاسيما من خلال تقديم الدعم التقني في ما يتعلق بالجانب العقاري والمالي والتنظيمي.
الاقتصاد الأخضر يشكل إحدى ركائز عمل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في المغرب والتي تتناسب مع الجهود التي تبذلها الرباط للاستجابة لهذه التحديات البيئية والاقتصادية
وأعد المغرب المخطط الوطني للمناخ 2020 – 2030، الذي يهدف إلى تقوية القدرة على التكيف، وتسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتنزيل السياسات الوطنية المتعلقة بالمناخ على المستوى المحلي، وتشجيع الابتكار، ورفع مستوى الوعي للاستجابة لتحديات مكافحة التغير المناخي.
وقال المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية سعيد مولين إن المغرب ينهج سياسة استباقية، من خلال المشاريع الكبرى التي أطلقها وفرص الشغل وخلق الثروة التي يوفرها الاقتصاد الأخضر، مشددا على أن المملكة تملك إمكانيات هائلة في مجال الاقتصاد الأخضر وخبرة كفيلة بخدمة البلاد.
وفي ما يخص المبادرات والإجراءات لتشجيع الصناعة النظيفة، اعتمد المغرب مجموعة من التدابير، بينها “تهيئة مناطق صناعية مندمجة مع الأخذ بعين الاعتبار المعطى البيئي”، ومعالجة أو التخلص من النفايات الصناعية السائلة والصلبة والغازية، والاقتصاد في استعمال المواد الأولية، مع تشجيع استخدام التكنولوجيات النظيفة، والطاقات المتجددة.
ولجعل اقتصاده أخضر ومستداما، لاسيما في القطاعات الأكثر إنتاجية، يعمل المغرب على تطوير عملية فرز وتدوير وتثمين النفايات عبر مشاريع نموذجية لرفع مستوى التدوير إلى 20 في المئة و30 في المئة في أشكال أخرى بحلول سنة 2022.
وأوضح خبراء في الاقتصاد أن هذه العملية ستنعكس إيجابيا على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي، من خلال وضع منظومات لتثمين النفايات، خاصة البلاستيك والورق والكرتون والبطاريات والزيوت المستعملة، وكذا العجلات ومخلفات الهدم والبناء ومخلفات الآلات الكهربائية والإلكترونية.