دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة دستورية استشارية، إلى اعتماد نظام للتأمين عن البطالة خاص بالأجراء وغير الأجراء، بالنظر إلى تداعيات أزمة فيروس “كورونا” المستجد.
ويرى المجلس، ضمن دراسة أصدرها حول منظومة التعويض عن فقدان الشغل، أن هذا النظام مطلوب بالنظر إلى تداعيات للظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي تجتازها بلادنا في الوقت الراهن في ظل تداعيات أزمة “كوفيد-19”.
ويتضمن المقترح اعتماد آلتين ضمن نظام التأمين عن البطالة، الأولى خاصة بالعاملين الأجراء من شأنها أن تتيح تجاوز أوجه المحدودية التي تعتري الآلية الحالية؛ وذلك من خلال تقليص الحد الأدنى لعدد أيام الاشتراك المطلوبة، عبر إقرار مدة تتلاءم مع خصائص سوق الشغل في المملكة.
كما يروم المقترح رفع الحد الأقصى للتعويض من 4 إلى 5 أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجور، وتمديد مدة صرف التعويضات بما يتناسب مع مدة الاشتراك، إضافة إلى توسيع آليات تمويل التعويض عن فقدان الشغل من خلال ترشيد وإعادة توجيه الموارد المالية المتاحة دون زيادة الأعباء التي تثقل كاهل المقاولات والعاملين.
أما الآلية الثانية فتهم البطالة لفائدة العاملين غير الأجراء، حيث يقترح المجلس تفعيله بشكل تدريجي وأن يكون موضوع نقاش وتشاور بين الأطراف المعنية حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن، كما يقتضي التحديد المسبق لآثار وقف النشاط على هذه الفئات من العاملين.
كما يوصي المجلس، بالموازاة، إرساء آليتين للمواكبة تهم الأولى وضع نظام للمساعدة لفائدة الأشخاص الذين فقدوا شغلهم؛ لكنهم لا يستوفون شروط الاستفادة من التأمين عن البطالة، بالإضافة إلى الأشخاص الذين استنفدوا فترة استحقاق التأمين. وتهم الآلية الثانية تقديم مساعدة على العودة إلى العمل، تتيح إشراك الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، بشكل رسمي ومُلزم.
وقد انكب المجلس على إعداد هذه الدراسة إثر إحالة توصل بها من طرف مجلس المستشارين؛ وذلك في سياق تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي يشكل “التعويض عن فقدان الشغل” مكونا أساسيا في منظومتها.
وجرى الوقوف في هذه الدراسة، التي تحمل عنوان “التعويض عن فقدان الشغل.. أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟”، على الحصيلة المرحلية لهذه الآلية التي تفيد بأن تطبيقها اتسم بمحدودية ملحوظة في عدد المستفيدين.
فحسب المعطيات المسجلة أواخر سنة 2020، فقد بلغ عدد المستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل منذ انطلاقه سنة 2015 حوالي 77 ألفا و826 مستفيدا، وهو رقم يبقى بعيدا عن الهدف الذي تم تحديده في 30 ألف مستفيد في السنة.
وبناء على التشخيص الذي قام به المجلس من خلال تحليل خصائص الآلية الحالية للتعويض عن فقدان الشغل، تم الوقوف على ثلاثة أسباب رئيسية تحد من نطاق الاستفادة من هذا التعويض؛ أولها الشروط التقييدية للاستفادة من التعويض، حيث تم على الخصوص رفض قرابة نصف الملفات لعدم كفاية عدد أيام الشغل المصرح بها.
كما لاحظ المجلس عدم كفاية التعويض عن فقدان الذي يتم احتسابه على أساس الحد الأدنى القانوني للأجور، واعتبر أن ذلك لا يراعي المستوى المعيشي للعديد من الفئات المهنية، ولا سيما التي تتقاضى أجورا وسطى، ناهيك عن كون التمويل غير كاف وغير منصف ولا يراعي استدامة مصادر التمويل ولا توزيع الفئات المهنية.
ولتجاوز هذه النقائض، أوصى المجلس بتجاوز الإصلاح المقياسي الذي تم اعتماده قبل انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية وصدور القانون الإطار المتعلق بها، والعمل على إرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومةٍ للتعويض عن البطالة، تشمل نظاما للتأمين ونظاما للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.
هسبريس