تدرس لجنة مكونة من خبراء شرعيين من المجلس الإسلامي الأعلى ووزارة المالية ورجال اقتصاد إمكانية استحداث بنك للزكاة قريبا، حيث ستتكفل هذه المؤسسة بإقراض الشباب البطال وفق صيغ إسلامية مطابقة لما تنص عليه الشريعة، وتمويل مشاريع من شأنها إخراج هؤلاء من دائرة الفقر والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية بهذه المدخرات، مع ضمان توجيه أموال الزكاة لمستحقيها وتنمية المبالغ المودعة.
ووفقا لمصادر من الهيئة الوطنية للإفتاء للصناعة المالية على مستوى المجلس الإسلامي الأعلى، يتم حاليا دراسة ملف استحداث بنك وطني للزكاة، حيث تتكفل هذه المؤسسة بجمع أموال الزكاة وتوزيعها على مستحقيها وأيضا تقديم قروض للشباب البطال لاستحداث مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومرافقته في العملية، وفق صيغ اقتصادية مناسبة وطرق شرعية تتناسب مع ما تنص عليه الشريعة الإسلامية، وفق مختلف صيغ المضاربة والمرابحة والمشاركة وغيرها من الخدمات المالية الإسلامية المتاحة، كما يتم دراسة المشاريع التي يمكن تمويلها عبر هذا البنك.
ويقول المصدر أن المقترح متواجد محل دراسة بين وزارة المالية والمجلس الإسلامي الأعلى والبنوك منذ 4 أشهر، حيث تقدم المجلس بالفكرة، وتم تشكيل فوج من الخبراء الماليين والشرعيين لدراسة المشروع من كافة جوانبه، وإيجاد الصيغ المناسبة، حيث سيتم عرضه على الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن قريبا، بعد استكمال كافة تفاصيل المشروع.
وأضاف المصدر أنّ “الجزائر ليست الدولة الوحيدة التي فكرت في هذا المقترح، هناك دول أخرى سعت لتحقيقه من قبل، على غرار تركيا، ونحن سنقوم باستنساخ التجارب السابقة مع إضافة الخصوصية الجزائرية، حيث سيكون البنك الجديد بديلا للشباب الرافض للقروض الربوية والمتعامل مع وكالات تشغيل الشباب على غرار أونساج سابقا”.
وفي السياق، يعلق الخبير المالي محمد محفوظ كاوبي على المشروع بأنه سيكون الحل لإنهاء معاناة عدد من الشباب الرافض للقروض الربوية والذي واجه البطالة خلال السنوات الماضية، وسيفتح مجالا أوسع لخلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالقدر الكافي.
ولكن بالمقابل، رفض كاوبي فكرة استحداث بنك مستقل قائم بذاته، وفضل خلق فروع وشبابيك بالبنوك تتكفل بالعملية، على غرار الشبابيك الإسلامية الحالية، وهذا لعدم استغراق وقت أطول وحتى إنفاق أموال أكبر لتجسيد المشروع، مضيفا “هذه الأموال، الأفضل أن تستغل في تعبئة مدخرات بنك الزكاة، بدلا من أن تنفق لفتح الوكالات والشبابيك وتوظيف العاملين الجدد، وخلق مختلف الهياكل المرافقة للعملية”.
وأضاف كاوبي في تصريح لـ”الشروق” بأن البنك وفي حال استحداثه يجب أن يضم أعضاء ورئيس مجلس إدارة من فئة المزكين، وهذا لإضفاء مصداقية حول وجهة أموال الزكاة وطمأنة المزكين بأنهم المشرفون على عملية منح القروض، للمستحقين، وهو ما سيساهم في ضخ مبالغ أكبر مستقبلا، مصرحا “البعض قد يشكك في مصير هذه الأموال ولكن تكليف ممثلين عن المزكين، يتم انتخابهم لرئاسة وعضوية مجلس الإدارة بتسيير هذه المدخرات، سيقضي على هذه الشكوك ويساهم في إقبال أكبر على العملية”.
وحسب الخبير الاقتصادي، فإن طريقة جمع أموال الزكاة أيضا يجب أن تشهد قفزة من حيث الشكل والمضمون، من خلال إدراج تقنيات أكثر حداثة ووقف الطرق البدائية والتقليدية على غرار استعمال البطاقة الإلكترونية والصكوك المالية ووسائل الدفع الحديثة، وفق برنامج خاص لمختلف المتعاملين الاقتصاديين المساهمين في تمويل العملية، وإضفاء شفافية أكبر على عملية توزيع هذه الأموال على مستحقيها، وهو ما سيساهم في نجاح مشروع مساهمة الزكاة في تنمية الاقتصاد الوطني الجزائر.
الشروق