أكد عضو المجلس التنفيذي لمنظمة الإصلاح النقدي الدولية ومقرها لندن، ريدج نكوسي، اليوم الخميس، أنَّ إنشاء دول مجموعة “بريكس” عملة احتياط جديدة، في إطار سعيها للتخلص من هيمنة الدولار الأميركي، سيكون أفضل بكثير من استخدام إحدى العملات المحلية لتلك الدول في المعاملات التجارية.
وقال نكوسي، الذي يشغل أيضاً، منصب المدير التنفيذي لشركة “فيرست سورس” المالية، في مقابلة مع “سبوتنيك”: “قد يكون من غير الحكمة لدول بريكس أن تختار إحدى عملاتها للأغراض التجارية، في إطار سعيها للتخلي عن الدولار. وبدلاً من ذلك عليها أن تقوم بإنشاء عملة جديدة تعكس عملات الدول الخمس الأعضاء [البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا]. وهذا هو بالضبط ما يعنيه وجود احتياطي لعملة جديدة”.
وأوضح أنه في ظل سعي دول بريكس إلى تجنب الدولار بسبب “الحالة المزاجية” للولايات المتحدة، فمن الأفضل لها أن تلجأ لاستخدام عملة مشتركة فيما بينها.
وتابع قائلاً: “هذا يعني إنشاء عملة تمثل المؤشر المتوسط للعملات الخمس. هنا أعني أنه في الوقت الحالي يمكن لجنوب أفريقيا أن تشتري سلعاً صينية بعملة الراند كما يمكن للصينيين أن يقوموا بشراء السلع من جنوب أفريقيا باليوان، ولكن لتبسيط الأمر بين الدول الخمس، يجب أن تكون هناك عملة موحدة تمثل متوسط العملات الخمس لتصبح بعد ذلك هي العملة السادسة المشتركة”.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان من العدل أن تقوم دول مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا بمقارنة عملاتها بالروبل الروسي واليوان الصيني، قال الخبير الاقتصادي: “ينبغي هنا النظر إلى الدول على أنها دول ذات سيادة ولا ينبغي أن تكون هناك حالة يتم فيها النظر للدولة على أنها دولة صغيرة أو أكثر فقراً من الدول الأخرى، فإذا تم اعتماد هذه المعايير، ستنشأ قوة مهيمنة وهو عامل يجب تجنبه”.
ولفت نكوسي إلى أن إنشاء عملة محايدة هي أفضل طريقة للحيلولة دون ظهور أي مظهر من مظاهر القوة فيما يتعلق بالعملة، بحيث تصبح العملة المحايدة عادلة للجميع، بما فيها الدول الفقيرة والغنية والكبيرة والصغيرة.
وأردف بقوله: “في الواقع ما قد يسبب مشكلة هو استخدام عملة دولة واحدة، فعندما تكون تلك الدول خاضعة للعقوبات، مثل روسيا في الوقت الحالي، ستتأثر بقية دول بريكس بمثل هذه العقوبات، لذلك فإن العملة الجديدة التي ستنتمي إلى الدول الخمس ستكون أفضل لأنها لا تنتمي إلى دولة واحدة بل لكل دول المجموعة”.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن احتياطي العملة الجديدة لدول بريكس يجب أن يكون مثل عملة اليورو، ولا تنتمي إلى أي بلد بعينه، مضيفاً في الوقت ذاته، أنه لا يمكن التنبؤ بالوقت المناسب الذي يُمكن فيه فصل الدول عن الدولار أو اليورو، لكن العملة ستكون قادرة على جذب العديد من الدول.
من جانبه، قال كبير الباحثين في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، جوستافو دي كارفالو، في تصريح لسبوتنيك، إن النقاش حول إنشاء عملة جديدة اكتسب زخماً مؤخراً، لا سيما بعد العملية العسكرية الخاصة التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا، موضحاً أن سلة العملات في مجموعة “بريكس” يجب أن تكون متوازنة.
وأوضح دي كارفالو، أن العملة الجديدة يمكن أن تخرج إلى النور، إذا كان ذلك ممكنا تقنياً وسياسياً.
وتابع: “نحن في الفترة المناسبة للتفكير، ولكن لا يمكن تنفيذ ذلك على الفور [إنشاء العملة الجديدة]. الآن وبعد فرض عقوبات على روسيا، هل هذا يعني أننا نبحث عن بدائل للدولار الأميركي، أم أننا نقوم بإنشاء عملات صرف مقابل اليورو الذي يتم استخدامه في المعاملات الدولية؟ أم أننا نبحث عن عملة جديدة يمكنها منافسة قوة الدولار؟”.
واختتم الخبير قائلاً: “نحن في التوقيت الصحيح لإجراء نقاش والبدء في إجراء محادثات جادة مع المنظمات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، ومجموعات مثل مجموعة العشرين ومجموعة بريكس”.
يُذكر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن خلال خطاب ألقاه في منتدى أعمال بريكس في حزيران/يونيو الماضي، أن العمل جار على إنشاء عملة احتياط دولية على أساس سلة عملات “بريكس”، وذلك لمعالجة المشكلات المزمنة في الاقتصاد العالمي التي برزت نتيجة تصرفات الغرب.