قال مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي إن الصندوق على اتصال بالسلطات التونسية بعد تشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي، ومن المتوقع إجراء مزيد من المحادثات قريبا بشأن نوع المساعدات التي تحتاجها الدولة التي تعاني من ضائقة مالية.
وتواجه تونس خطر إعادة هيكلة الديون بعد أن بذلت جهودا مضنية من أجل وضع الدين العام المرتفع والعجز المالي في مسار مستدام.
كانت المحادثات مع صندوق النقد الدولي -بشأن قرض يمكن أن يفتح الباب أمام مساعدات ثنائية من مانحين رئيسيين- قد خرجت عن مسارها عندما علق الرئيس التونسي قيس سعيد عمل البرلمان يوليو/تموز الماضي، وأقال رئيس الوزراء، وتولى السلطة في ما وصفه خصومه بانقلاب.
وعين سعيد حكومة جديدة الأسبوع الماضي، لكنه لم يلمح إلى موعد تخليه عن سيطرته شبه المطلقة وبدء الإصلاحات اللازمة حتى يتسنى تقديم حزمة إنقاذ مالي.
ويتعرض سعيد لضغوط دولية لإعلان خارطة طريق واضحة المعالم لعودة السياسة وفق القواعد الدستورية. ودعا الاتحاد الأوروبي الرئيس التونسي قيس سعيد أمس الثلاثاء إلى استعادة النظام الديمقراطي في بلاده.
لقاء مرتقب
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور لرويترز “صندوق النقد يراقب عن كثب تطور الوضع السياسي في تونس، ويعمل موظفو الصندوق مع السلطات على المستوى الفني”.
وأضاف “فريقنا على اتصال بهم بعد تشكيل الحكومة الجديدة يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول… أتوقع أن ألتقي بهم الأسبوع المقبل عبر الإنترنت لمناقشة ماهية خطط الحكومة الجديدة وأولويات الإصلاح وما ستكون عليه علاقة (الحكومة) مع الصندوق”.
ويريد المانحون الأجانب من تونس إجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الموثوقة التي من شأنها أن تقلل الدعم وفاتورة أجور القطاع العام وإصلاح مؤسسات الدولة الخاسرة، وبالتالي الحد من العجز والديون.
ودعما لتونس في بداية الوباء، وافق صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان 2020 على تمويل طارئ بقيمة 750 مليون دولار، وقبل ذلك كان لديه خطوط تمويل أخرى للمساعدة في دعم البلاد منذ أن ظهرت تونس على أنها الديمقراطية الوحيدة بعد الربيع العربي.
شبح عدم سداد الديون
والخميس الماضي، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني التصنيف السيادي لتونس من “بي 3” (B3) إلى “سي إيه إيه 1” (Caa1)، مع نظرة مستقبلية سلبية.
وقالت موديز -في تقرير لها- إن تخفيض التصنيف إلى “سي إيه إيه 1” يعكس ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين في ما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ التدابير التي من شأنها ضمان الوصول المتجدد إلى التمويل لتلبية الاحتياجات المرتفعة على مدى السنوات القليلة المقبلة.
وهذه عاشر مرة يتم فيها خفض التصنيف السيادي لتونس من قبل وكالات التصنيف العالمية، منذ عام 2011.
وحذرت موديز من تخلف تونس عن سداد ديونها إذا لم يتم تأمين تمويل كبير.
وقالت الوكالة في هذا السيناريو، سترتفع احتمالية إعادة هيكلة ديون القطاع العام التي قد يترتب عليها خسائر لدائني القطاع الخاص.
وتتوقع موديز أن يبلغ العجز في الميزانية التونسية 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2021، و5.9% عام 2022.
ويأتي هذا التصنيف مع بلوغ نسبة الانكماش الاقتصادي 8.8%، في ظل ارتفاع غير مسبوق لنسبة الدين الخارجي إلى نحو 110% من الناتج الداخلي الإجمالي، في حين قفزت نسبة البطالة إلى نحو 17.8% خلال أول 3 أرباع من 2021.
في أعقاب ذلك، نفى المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك المركزي التونسي، عبد الكريم لسود، التصريحات المتداولة حول عدم قدرة تونس على سداد ديونها الخارجية وبالتالي التوجه لـ”نادي باريس” (الاقتصادي) لإعادة جدولة الديون.
وذكر المسؤول التونسي -في تصريحات صحفية- أن تونس قادرة على الوفاء بتعهداتها الخارجية في ما تبقى من عام 2021.
وقال “مع التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي والانطلاق في تفعيل الإصلاحات مع بداية سنة 2022، لن يكون هناك أي إشكال في سداد الديون”.
واعتبر المسؤول التونسي أن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي هو الحل الأول لإدخال إصلاحات هامة على الاقتصاد التونسي.
وتوقع البنك الدولي -في تقرير صدر قبل أيام- نمو الاقتصاد التونسي بنسبة 2.9% هذا العام، وهي نسبة تقل عن توقعات سابقة للحكومة التونسية بنمو 3.9%، وأخرى لصندوق النقد الدولي بنسبة 3.2%.
وأظهرت بيانات رسمية -قبل أيام- تراجع احتياطي النقد الأجنبي لتونس بنسبة 9.5% في 9 أشهر، إلى 20.9 مليار دينار (7.4 مليارات دولار) في سبتمبر/أيلول الماضي، من نحو 23 مليار دينار (8.16 مليارات دولار) خلال الفترة ذاتها من عام 2020.
ويتوقع البنك المركزي التونسي أن يبلغ الدين العام بنهاية عام 2021 نحو 109.23 مليارات دينار (39.18 مليار دولار) منها 74.21 مليار دينار (26.5 مليار دولار) دينا خارجيا.
الجزيرة