قال وزيرالمالية التونسي علي الكعلي إن الوضعية المالية في تونس حرجة، لكن لا نية للحكومة لطلب جدولة ديونها الخارجية.
وأضاف الكعلي في تصريحات محلية الأربعاء أن بلاده التي بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي تجري أيضا مفاوضات مع شركاء آخرين، من بينهم قطر، للحصول على قروض لتمويل ميزانية 2021.
وتأتي تصريحات وزير المالية عقب تأكيد الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء أنه بحث خلال مشاركته في أشغال قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية بباريس، إمكانية شطب ديون تونس أو تقليصها.
وأرجع سعيّد في تصريحات محلية عدم تحقق النمو في البلدان الأفريقية ومنها تونس إلى إثقال كاهلها بالديون، إلى جانب انتشار الفساد الذي كان سببا في تردي الأوضاع وارتفاع نسب الفقر.
وذكر الرئيس التونسي أنه طالب بإيجاد مقاربة في التعامل مع الدول الأفريقية مختلفة عن المقاربات التقليدية التي تقف عند الأرقام والميزانيات، معتبرا أن جائحة كورونا هي جائحة مستجدة تتطلب تصورا مختلفا ووسائل جديدة للتعاطي معها.
وتؤكد بيانات رسمية خطورة الوضع الاقتصادي في تونس، حيث تجاوز الدين العام 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويتعين على البلاد أن تسدد هذا العام حوالي 3.3 مليار دولار من قيمة الديون الخارجية بما في ذلك الفوائد، وهو رقم قياسي وتاريخي باعتبار أن متوسط مبلغ الديون الخارجية التي تم تسديدها خلال السنوات الخمس الأخيرة لم يتجاوز 1.7 مليار دولار.
وستحتاج تونس في 2021 قروضا بنحو 19.5 مليار دينار، تشمل قروضا أجنبية بحوالي خمسة مليارات دولار.
وستصل مدفوعات الديون المستحقة هذا العام إلى 16 مليار دينار، وهو مستوى قياسي، ارتفاعا من 11 مليار دينار العام الماضي وثمانية مليارات في 2019. وكانت لا تتجاوز ثلاثة مليارات في 2010.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز حذرت في الحادي عشر من مايو الجاري من تخلف تونس عن تسديد ديون سيادية وتداعياته على القطاع المصرفي في البلاد.
وقالت إن تخلف تونس عن سداد ديون سيادية، وهو أمر مستبعد إلى حد كبير على مدى 12 شهرا مقبلة، قد يكلف بنوك البلاد ما يصل إلى 7.9 مليار دولار.
وتواجه تونس منذ أشهر وضعا اقتصاديا متفاقما، وانحدارا في كل المؤشرات التنموية رافقه تصاعد التوترات بين مراكز القرار السياسي، بسبب أزمة التحوير الوزاري المستمرة.
وتعيش قطاعات حيوية للاقتصاد التونسي، وفي مقدمتها القطاع السياحي الذي يعد شريان اقتصاد البلاد، في شبه ركود جراء الجائحة الصحية، حيث علّقت 70 في المئة من النزل نشاطها وتمت إحالة العاملين فيها على البطالة الفنية أو النهائية.
وفشلت الحكومة التونسية مؤخرا في إقناع صندوق النقد الدولي بعقد اتفاق على ثلاث سنوات والحصول في العام 2021 على 3.3 مليار يورو، مقابل وعد بإصلاحات يبدو الالتزام بها أصعب من السابق.
ويدعو الصندوق السلطات التونسية منذ سنوات إلى إجراء إصلاحات جذرية من أجل الحصول على قروض وتمويلات مالية ضرورية، وذلك بتوجيه مساعدات مباشرة للعائلات الفقيرة بدلا من نظام دعم أسعار بعض المواد مثل الخبز والمحروقات، الذي يستفيد منه الجميع حاليا.
كما تدعو الهيئة المالية إلى تقليص عدد الموظفين الحكوميين وخفض دعم الشركات العامة التي تواجه صعوبات مالية.
وتبلغ الرواتب العامة في تونس أكثر من 20 مليار دينار هذا العام، من إجمالي ميزانية البلاد البالغة 52 مليار دينار.
ويطالب اقتصاديون تونسيون أيضا بضرورة تنفيذ إصلاحات تنقذ البلاد من مستقبل اقتصادي ضبابي، وتكمن في احتواء السوق الموازية وإحداث إصلاحات جبائية ودفع الاستثمار الداخلي والخارجي وهيكلة المؤسسات العمومية وخصخصة بعضها وتنقيح قانون الصرف لجذب الاستثمارات.
وحسب تقديرات البنك المركزي تشهد تونس أزمة اقتصادية حادة تهدّدها بالإفلاس، في ظل تفاقم الديون الخارجية التي بلغت العام الماضي نحو 80.9 مليار دينار (30.3 مليار دولار).
وكان رئيس الحكومة هشام المشيشي وصف في تصريحات سابقة وضعية المالية العمومية بـ”الحرجة”، وهو ما يستدعي تنفيذ إصلاحات عاجلة بالتقليص في كتلة الرواتب وتجنب النتائج الوخيمة لارتفاع نسبة الدين العمومي.
وفي آخر تقرير له، قال المعهد الوطني للإحصاء في تونس إن اقتصاد البلاد انكمش 3 في المئة في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالعام السابق، في الوقت الذي تضرر فيه قطاع السياحة الحيوي بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا.