تشهد محلات “الماركة” في الجزائر عزوفا غير مسبوق، من قبل عاشقات الموضة والفاشن، لأسباب عدة على رأسها الارتفاع الجنوني لأسعار القطع الصيفية العادية والبسيطة، بالإضافة إلى خلو هذه المحلات من ملابس وأحذية وإكسسوارات ملفتة، وتتماشى مع الثقافة المحلية. هذا ما أفسح المجال أمام الماركات الجزائرية الشابة، للبروز والتحكم في السوق.
أسعار ملتهبة في زمن كورونا
المار ببعض شوارع المدن الكبرى، حيث تتمركز محلات بيع الألبسة الموقعة من علامات عالمية شهيرة هنا، على غرار زارا، مانغو، أديداس، بولو، كيابي.. لابد من أن يلاحظ خلوها، على غير العادة خاصة في موسم الاصطياف، حيث يسعى الجميع للتألق والتفرد بمظهر لائق وملفت. خلال جولتنا الاستطلاعية إلى كل من دالي إبراهيم، حيدرة، البليدة، وبعض المراكز التجارية في العاصمة ووهران، اكتشفنا أنه من الممكن أن تكون الأسعار الملتهبة سببا في الظاهرة. تقول “ص. و”، مسؤولة مبيعات بمحل ستراديفاروس، الذي لطالما كان مكتظا بالزبونات المراهقات والشابات، وحتى السيدات الراغبات في إطلالة شبابية- تعقّب أولا عن الجولات الخاطفة وخلو رواق الدفع-: “أسعارنا تخضع للسوق العالمية، وهناك ارتفاع ملحوظ في مختلف أنواع السلع بسبب محدودية الإنتاج العالمي، وارتفاع تكاليف الشحن كذلك، لا يمكننا تحطيم السوق…” وفي توضيح آخر، ذكرت الآنسة “ص. و”: “القدرة الشرائية للمواطن الجزائري تراجعت كذلك، وأصبح من غير الممكن لطالبة جامعية من الطبقة الوسطى اقتناء أحذية مكشوفة بسعر 6 آلاف دينار، أو قبعات بسعر 4 آلاف دينار.. لذلك، مبيعاتنا محدودة هذه السنة، والجميع في انتظار مواسم التخفيضات”.
ألبسة فضحة وإكسسوارات تدعو للسخرية
الملاحظ في تشكيلات صيف 2021، تلك التي تعرضها محلات الألبسة في المراكز التجارية والأماكن الراقية، أنها تتسم بالجرأة الزائدة، سواء من ناحية الألوان أم القصات الغريبة، كالقمصان القصيرة جدا، التي تكشف عن جزء من البطن، التنانير الفاضحة، الكشكشات الكثيرة، البنطلونات الواسعة الفضفاضة أو سراويل الجينز الممزقة، غلبت عليها طبعات الرسوم المتحركة والنقوشات الإفريقية، وأقمشة الدانتيل والشيفون الشفافة.. تشكيلات في مجملها لا تلبي حاجة السوق الجزائرية، فهي بعيدة كل البعد عن النمط المحافظ المطلوب حتى في فصل الصيف، مع هذا، ورغم ارتفاع أسعارها أيضا، استطاعت أن تستقطب إليها فئة واسعة من المراهقات، اللواتي ينتهجن النسق الأوروبي والأمريكي في إطلالاتهن، ويبحثن أيضا عن إكسسوارات تخالف المعتاد، كالقبعات الكبيرة الملونة، والنظارات ذات الأشكال العجيبة، والمجوهرات الضخمة بالألوان المشعة..
وفي ظل غياب ثياب صيفية مريحة، تناسب جميع أطياف النساء الجزائريات، بمن في ذلك المحجبات، وفي حين مازال استيراد السلع يواجه العديد من العراقيل بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار كورونا، اقتحمت علامات جزائرية بأنامل شابة، وورشات خياطة سوق الألبسة، لتثبت وبجدارة قدرتها على تغطية الحاجة، بجودة عالية وأسعار تنافسية. في حين أصبح من الصعب جدا تمييز السلع المحلية عن تلك المصنعة في تركيا، والصين، أو حتى بلدان أوروبية. يقول جمال الدين، صاحب محلات نسائية بباب الدزاير بالبليدة: “توقفنا منذ أشهر عن طلب ملابس إسبانية وتركية، فقد لاحظنا أن زبوناتنا يبحثن عن خامة القماش الدارجة، التصاميم البسيطة المريحة، والأسعار المعقولة، أكثر من اهتمامهن بمصدر الثوب. لذا، وجهنا تعاملاتنا من مكاتب التصدير، والمستوردين، إلى الورشات المحلية، وحتى العلامات الناشئة التي ترغب في تسويق منتجاتها ودخول المنافسة”. من جهة أخرى، يشتكي أصحاب المحلات الكبرى، الذين اعتادوا ترويج ملابس وإكسسوارات أوروبية وآسيوية، من فقدان الزبونات، فيما لا يزال الشارع يعج بآخر صيحات الموضة. وهذا، إن دل على شيء، فيبدو أنه دليل على أن الفتاة الجزائرية أصبحت تتسوق اليوم إلكترونيا، عبر مواقع الإنترنت. وقد زاد اهتمامها بما تروج له المؤثرات من ماركات محلية بأسعار مغرية.