بدأت بلدان الاتحاد الأوروبي البحث عن مصادر غاز تعوض الغاز الروسي بعد ارتفاع الأسعار في ظل غزو أوكرانيا، ويسعى الأوروبيون إلى موردين محتملين ومن بينهم الجزائر التي تعد أهم مورد لإسبانيا وإيطاليا والبرتغال.
وقررت دول الاتحاد الأوروبي، الجمعة، منح المفوضية الأوروبية تفويضا لشراء الغاز بشكل مشترك في خطوة لتخفيض التكلفة.
والشهر الماضي، قالت شركة النفط والغاز الجزائرية العملاقة “سوناطراك” إنها مستعدة لتزويد أوروبا بمزيد من الغاز لا سيما عبر نقله عبر خط أنابيب الغاز الذي يربط الجزائر بإيطاليا، لكن ذلك يطرح تساؤلات حول قدرة الجزائر على تعويض الغاز الروسي للأوروبيين.
يقول المحلل الجزائري، حكيم بوغرارة، في حديث لموقع قناة الحرة إن “الجزائر لا تستطيع تعويض الغاز الروسي، لكن بإمكانها أن ترفع صادراتها من الغاز لأكثر من 43 مليار متر مكعب”.
وذكر بوغرارة أن وزراء خارجية إيطاليا والبرتغال وسلوفينيا زاروا الجزائر كما أجريت محادثات مع إسبانيا “من أجل تأمين حصصها ورفعها مستقبلا، في ظل ضغوط أميركية على الاتحاد الأوروبي لتقليص الاعتماد على الغاز الروسي، الذي يشكل أكثر من 40 في المئة لأوروبا وخاصة ألمانيا”.
وتوجه وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، إلى الجزائر، أواخر شهر فبراير الماضي، ليبحث مع نظيره زيادة إمدادات الغاز من الدولة الواقعة في شمال أفريقيا لتعويض تراجع محتمل من الجانب الروسي.
وأكد للصحافيين أن “الحكومة الإيطالية ملتزمة بزيادة إمدادات الطاقة وخاصة الغاز من مختلف الشركاء الدوليين” بما في ذلك الجزائر “التي لطالما كانت مزودا موثوقا”.
الشراء المشترك
وستعمل دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والمفوضية “معا بشكل عاجل على الشراء الطوعي للغاز والغاز الطبيعي المسال والهيدروجين”عبر استغلال الثقل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي من أجل الاستفادة من أسعار مواتية، وفقا لما جاء في مقررات قمة بروكسل.
وفي مؤتمر صحافي، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إن “الشراء المشترك والقدرة على أن نبرم عقودا طويلة معا، هو الوسيلة الفضلى لخفض الأسعار”.
ويقول بوغرارة في حديثه للحرة إن “شراء الغاز بصفة جماعية من الاتحاد الأوروبي مقترح أميركي للتضامن بين الدول الأوروبية ومساعدة الدول الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار الطاقة”.
ويتابع بوغرارة أن “الجزائر من الدول المرتبطة بعقود طويلة الأجل مع الأوروبيين، ولا مشكلة لديها فهي تورد غازاً منخفض السعر مع ضمان أسواق دائمة”.
وحرصا منها على عزل موسكو وحرمانها من مصادر الدخل بعد غزوها لأوكرانيا، تريد بروكسل خفض مشترياتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام.
ومن خلال طلبيات الغاز المشتركة هذه، تعتزم بروكسل أيضا تسهيل الاتصالات مع المُوَرّدين الدوليين من أجل تنويع مصادر التزويد.
وباشرت المفوضية التفاوض مع الدول المنتجة الرئيسية (النروج وقطر والجزائر)، وأعلنت الجمعة عن اتفاق مع الولايات المتحدة لزيادة شحناتها من الغاز الطبيعي المسال.
ووفق بوغرارة فإن “الجزائر ترفض الحديث عن تعويض الغاز الروسي.. بقدر ما تتحدث عن الوفاء بالتزاماتها، تجاه مختلف المستوردين، لأن الأسواق الجزائرية تقليدية تعود لسنوات طويلة خاصة تجاه إيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومؤخرا سلوفينيا”.
ويرى المحلل الجزائري أن الفرصة مواتية للجزائر لطلب شراكات واستثمارات لرفع الإنتاج، كما أن الجزائر قد تستغل الظرف، لطلب تمويل مشروع خط أنابيب نيجيريا الجزائر عبر النيجر، لضمان كميات أكبر لأوروبا قد تتعدى 20 مليار متر مكعب سنويا.
والجمعة، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تشكيل “فريق عمل” بهدف الحد من اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري الروسي في مواجهة حرب موسكو على أوكرانيا.
وتواجه أوروبا مهمة كبرى متمثلة في استبدال إمدادات الغاز الروسي إذ تزود موسكو القارة حوالي 150 مليار متر مكعب من الغاز كل عام.