الرباط – في أعقاب الزلزال المدمر الذي هز المغرب الأسبوع الماضي، برز قلق جديد ومثير للجدل. وقد أصبح العديد من الأطفال المغاربة، وخاصة الفتيات، الذين أصيبوا بصدمات نفسية بسبب الكارثة، ضحايا محتملين للاتجار بالبشر خلال هذه الأوقات العصيبة، مما أثار قلقا واسع النطاق بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والسلطات على حد سواء.
لقد ترك الزلزال شريحة كبيرة من سكان المغرب في وضع صعب. ومن بين الأشخاص الأكثر ضعفاً الأطفال الذين فقدوا أسرهم ومنازلهم وشعورهم بالأمان. وتقدر اليونيسف أن ما يصل إلى 100 ألف طفل تأثروا بالكارثة، على الرغم من أن العدد الدقيق للضحايا لا يزال غير واضح.
وقد أدى الاتجاه المقلق الذي ظهر على منصات التواصل الاجتماعي المغربية إلى تفاقم الأزمة. ظهرت تقارير عديدة عن أفراد، معظمهم من الرجال البالغين، يدلون بتصريحات مثيرة للقلق ويتخذون إجراءات تثير المخاوف بشأن رفاهية هؤلاء الأطفال المستضعفين وسلامتهم.
مخاطر زواج الأطفال
وقد دعت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي الرجال المغاربة إلى السفر إلى القرى المتضررة والزواج من فتيات صغيرات في محاولة “لحمايتهم” بعد أن فقدوا عائلاتهم ومنازلهم.
ومن المثير للصدمة، أن الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر رجالاً بالغين إلى جانب فتيات لا تتجاوز أعمارهن 7 و 8 سنوات، مع ادعاءات بأنهم تقدموا للزواج من هؤلاء الأطفال الصغار، بهدف نقلهم إلى المناطق الحضرية حفاظاً على سلامتهم.
صورة مزعجة تداولها رجل على مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إنه طلب من هذه الفتاة الصغيرة التي يبدو عمرها حوالي 7 سنوات أن تتزوجه وتذهب معه إلى الدار البيضاء
والسبب المنطقي وراء ذلك هو أن هؤلاء الفتيات، بعد أن فقدن أسرهن ومنازلهن، يُنظر إليهن على أن مطالبهن أقل مقارنة بالنساء في المناطق الحضرية. ويرى المؤيدون أن الزواج من هؤلاء الفتيات لن يتطلب أي مهر، مما يجعلهن، في نظرهم، شركاء يسهل الوصول إليهم.
وبالمثل، تتزايد المخاوف بشأن رفاهة الأولاد الصغار، حيث يلوح في الأفق خطر الاستغلال والعمل القسري.
ووسط هذه الفوضى، تقدم العديد من المغاربة بعروض لتبني هؤلاء الأطفال. ومع ذلك، فإن النوايا الحقيقية وراء هذه العروض لا تزال غير مؤكدة.
وقال أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي: “أذهلتني سماع شهادات المتطوعين الذين يعملون منذ يوم السبت لمساعدة أهالي منطقة الحوز، والذين يشهدون مشاهد التحرش بالفتيات الصغيرات من المنطقة”.
وأضافت أن “عصابة من الأغبياء تستغل الوضع ليطلبوا منهن [الفتيات الصغيرات] العودة معهن إلى المنزل، بينما يقوم آخرون بدعوة أصدقائهم للزواج بهن، بحجة أنهم يريدون المساعدة والحصول على الزواج منهن”
“الرقم الأخضر” لحماية الأطفال
ولمواجهة هذه الأزمة الناشئة، أطلقت اللجنة الوطنية المغربية لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر “الرقم الأخضر” (4747 080000) الذي يسمح للمغاربة بالإبلاغ عن أي حالات مشبوهة يعتقدون أنها قد تكون مرتبطة بالاتجار بالبشر أو تعريض الأطفال للخطر.
وتهدف المبادرة إلى تشجيع المواطنين على توخي اليقظة ولعب دور نشط في الحفاظ على رفاهية الأطفال الضعفاء.
ولا يزال الوضع حرجاً، وتعمل السلطات، إلى جانب المنظمات الدولية مثل اليونيسف، على حماية ودعم الأطفال المتضررين.
ضرب الزلزال المأساوي منطقة الحوز ليلة الجمعة الماضية، وأدى إلى مقتل ما يقرب من 3000 شخص وإصابة أكثر من 5000 آخرين.