تقلصت الفجوة بين سعر الدولار الرسمي والموازي بنحو 10 في المائة في ليبيا، بعد عام من التعويم الجزئي للدينار، ولكن الآثار السلبية لا تزال تتمدد على مستوى الدخل الحقيقي للمواطنين ومستوى المعيشة، مع ارتفاع معدلات الفقر فضلاً عن ارتفاع الأسعار مع استمرار أزمة السيولة بالمصارف التجارية.
فقد حدد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سعر صرف موحد جديداً للدولار في أنحاء البلاد عند 4.48 دنانير بدلا من السعر القديم 1.4 دينار، بتخفيض قيمة العملة بنسبة 70 في المائة.
وقال المحلل الاقتصادي سامي ساسي، لـ”العربي الجديد”، إنه على الرغم من تخفيض سعر الصرف الرسمي منذ عام تقريباً، لم يتم الوصول إلى سعر توازني تتساوى فيه الكمية المعروضة من عملة ما مع الكمية المطلوبة منها، بصرف النظر عن آثار المضاربة أو حركة رؤوس الأموال غير القانونية. وأضاف أن التخفيضات المتعاقبة لقيمة الدينار سواء بفرض ضريبة عليه خلال عام 2018 بنسبة 183 في المائة أو استخدام سعر الصرف المعلن، أديا إلى ارتفاع مستوى الأسعار المحلية نتيجة ارتفاع تكاليف الوحدات الاقتصادية المختلفة.
في المقابل، شرح أستاذ الاقتصاد في جامعة مصراتة عبد الحميد الفضيل، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن سعر الصرف الجديد ساهم في انخفاض الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي مع تقليص أزمة السيولة، ولاحظ أن مصرف ليبيا المركزي تأخر كثيرا في الوصول إلى السعر التوازني بثلاثة دنانير مقابل الدولار، وقال إن تخفيض قيمة الدينار جاء نتيجة لانخفاض احتياطيات مصرف ليبيا المركزي خلال عام 2020 مع الطلب المتزايد على العملة الصعبة.
وحول أزمة السيولة، رأى المحلل الاقتصادي محمد الشحاتي أنه لا توجد حتى اليوم آلية نقدية للحفاظ على الإيداعات النقدية داخل المصارف، وقال إن الأموال عادت للتسرب خارج الدورة النقدية، ما سيقود إلى أزمة سيولة جديدة قد تكون أقوى من الحالية، ولفت إلى أن الاحتياطي الإجباري للمصارف بلغ أقصى معدل (20 في المائة)، وسعر الفائدة معطل كسياسة نقدية من دون توفير أي بديل فعال.
وأكد على أن الاحتفاظ بالنقود خارج القطاع المصرفي سياسة رشيدة في ظل سعر الفائدة السلبي وارتفاع التضخم إلى أكثر من 30 في المائة تراكمياً.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري إلى سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن الليبي الذي تحمل آثار تخفيض سعر الصرف الذي وصفه “بالكارثة” على الاقتصاد الوطني، وأوضح في حديث لـ”العربي الجديد”، أن سعر الصرف الجديد لم يحل مشكلة السيولة والطوابير أمام المصارف التجارية بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، وشدد على أن كل هذه العوامل أدت إلى ازدياد نسبة الليبيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
ويؤكد مركز أويا للدراسات الاقتصادية (غير حكومي)، أن معدلات الفقر ارتفعت إلى 59 في المائة، فيما قدرت الأمم المتحدة أن نحو 1.3 مليون شخص (23 في المائة من السكان)، بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. وشهدت الأسواق قفزات في أسعار السلع الغذائية والدوائية، وخاصة المواد المستوردة واسعة الاستهلاك في الأسواق الليبية، بنسب تراوح بين 14 و77 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع الإنفاق على سلة الغذاء الدنيا للأسرة الواحدة إلى أكثر من 743 ديناراً.
وتشكل الضغوط التضخمية على الاقتصاد الليبي أهمية كبيرة تحديدا لمتخذي القرار السياسي والاقتصادي، وتسببت في قلق على المستويين الرسمي والشعبي، وأصبحت ظاهرة التضخم سمة ملازمة لحياة المواطن، فيما تؤكد بيانات مصرف ليبيا المركزي أن معدل التضخم (أسعار المستهلكين)، انخفض 1.3 في المائة خلال النصف الأول من العام، فيما تؤكد بيانات صندوق النقد الدولي أن معدل التضخم سيرتفع بنهاية العام إلى 19 في المائة.
المصدر العربي الجديد