وسط تعزيزات أمنية استثنائية شملت المنطقة السياحية ومداخل جزيرة جربة في جنوب شرقي تونس، انطلقت الزيارة السنوية لأقدم كنيس يهودي في أفريقيا بعد غياب سنتين بسبب وباء كورونا.
وبحسب إحصائيات رسمية حضر حوالى 3 آلاف يهودي لزيارة المعبد، قدموا من 14 دولة أغلبهم من أصل تونسي أو مغاربي.
تسامح وسلام
وتعتبر زيارة كنيس “الغريبة” موعداً لإبراز قيمة التعايش بين المسلمين واليهود، حيث تعتبر جزيرة جربة الأرض التي ما زالت تجمع بين الديانتين.
وفي تصريح له، قال رئيس منتدى أئمة فرنسا حسن الشلغومي، إن “زيارة اليهود لكنيس الغريبة هي موعد تاريخي، ويجب أن يكون مرجعية للجميع كنموذج ناجح للتعايش والتسامح والسلام بين جميع الديانات”. مضيفاً، “رسالتنا من تونس هي الحوار ولا غير الحوار في وقت تعيش أوكرانيا حرباً طاحنة”. وقال الشلغومي الذي جاء لمشاركة اليهود زيارتهم للكنيس، إن “الغريبة هي اعتزاز التونسيين بمختلف دياناتهم بتاريخ وحضارة تونس”.
ومن جهة أخرى، أشاد رئيس هيئة تنظيم زيارة الغريبة بيريز الطرابلسي بالاستعدادات الأمنية والتنظيمية لهذه الزيارة التي شهدت حضوراً مكثفاً مقارنة بالسنوات الأخيرة.
ومن جانبه، قال وزير السياحة محمد معز بلحسن، إن “جزيرة جربة ستشهد عديد التظاهرات التي انطلقت بزيارة الغريبة التي حظيت بمتابعة إعلامية مكثفة”، مضيفاً أن “هذه الزيارة مناسبة سنوية لتنشيط الموسم السياحي وتنشيط الدورة التجارية والثقافية في الجزيرة، مرحباً بالمناسبة لتكون جربة محط أنظار العالم لتنقل صورة حقيقية وجميلة عن تونس”، مضيفاً “وهي تأكيد على أن تونس أرض تسامح وسلام”.
“خرجة المنارة”
وقالت القائمة بالأعمال بالنيابة بسفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى تونس، ناتاشا فرانشيسكي، خلال حضورها زيارة الغريبة بجزيرة جربة، إن “هذه المناسبة الفريدة من نوعها تقدم مثالاً لقيم التسامح بين الأديان في تونس، وتعكس القيم المشتركة في التعايش السلمي”.
ووصفت فرانشيسكي، خلال فيديو نشر لها، زيارة الغريبة بالحدث الثقافي المهم الذي يعد انعكاساً للالتزام المشترك بين تونس والولايات المتحدة بحرية المعتقد والتعايش السلمي.
وتتمثل زيارة اليهود إلى كنيس الغريبة في مجموعة من العادات والطقوس التي يقوم بها الزوار، على غرار “خرجة المنارة” وهي احتفالات تتمثل في الخروج من المعبد والتوجه نحو الفضاء الخارجي، والقيام بجولة وسط الأغاني والزغاريد ثم العودة لأداء بعض الطقوس مثل إشعال الشموع وكتابة الأسماء والأمنيات على البيض ورميها في الغار الموجود وسط المعبد.
وتعتبر هذه الزيارة متنفس اليهود من أصل تونسي لاستعادة تقاليدهم من خلال الأهازيج الشعبية والأكلات التقليدية وشرب البوخة المستخرج من التين، وهو اختصاص عرف به يهود تونس.
ويُنظَّم الحج إلى كنيس الغريبة الذي يعود تاريخه إلى 2500 سنة، كل عام في اليوم الـ33 بعد عيد الفصح اليهودي، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيين.
ويشار إلى أن عدد الحجاج اليهود تراجع بشكل كبير بعد هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة استهدف الكنيس عام 2002 وأدى إلى مقتل 21 شخصاً، وتسعى السلطات التونسية لإنجاح حج اليهود للغريبة، بخاصة أن البلاد مقبلة على أبواب موسم سياحي، يقول عنه وزير السياحة التونسي، إنه واعد.
ويعيش في جربة اليوم حوالى ألف يهودي يعمل أغلبهم في تجارة الذهب، وكان عددهم أكثر من 100 ألف قبل استقلال البلاد في عام 1956.
independentarabia