يقوم هذه الأيام السيد إسماعيل هنية بجولة وزيارة لعدد من الدول منها المملكة المغربية بدعوة من حكومة سعد الدين العثماني، وبكل تأكيد بموافقة من قبل العاهل المغربي. زيارة زعيم أهم حركة مقاومة إلى المغرب تأتي بعد أشهر قليلة من قيام المغرب بالتطبيع مقابل الاعتراف الأمريكي بالصحراء الغربية.
في المقابل، كان من الممكن أن تقوم قيادة حماس بجولة مغاربية يكون مستهلها الطبيعي تونس. ليس فقط بمعنى الاستثناء التونسي الديمقراطي الذي وضع على الطاولة وبالاستفادة من مناخ حريات التعبير إلى الأقصى على الحقوق الفلسطينية ودعم المقاومة، وهي محرمات في أقطار عربية أخرى، بل لأن تونس عبرت وبشكل مباشر عبر قياداتها المنتخبة، خاصة مع الرئيس المرزوقي والآن مع الرئيس قيس سعيد، عن تضامن واضح مع المقاومة.
الرئيس قيس سعيد استفاد بكل تأكيد من رافعة دعم فلسطين عبر مقولة “التطبيع خيانة” في السباق الرئاسي، ولم يتوان خلال موجة التطبيع في الصيف عن إصدار بيان قوي وواضح رفضا لموجة التطبيع العربية، وبكل تأكيد الضغوط الغربية على تونس بهذا الموقف لن تتأخر. ثم بادر مؤخرا خلال العدوان على غزة بالاتصال بإسماعيل هنية، مثلما وصلني من مصادر موثوقة وأكده للإعلام ناطق حماس الرسمي الدكتور أبو زهري. وخلال هذه المكالمة الطويلة التي تجاوزت الأربعين دقيقة؛ أكد الرئيس سعيد دعم المقاومة في غزة بقيادة حماس، وتفاعل إيجابا مع إشارة هنية لرغبته في زيارة تونس.
من الواضح أن الرئيس قيس سعيد قرر حينها تجنب الخلط بين الوضع التونسي، حيث يواجه تجاذبا مع حركة النهضة الإسلامية، والوضع العربي والفلسطيني حيث يتعامل مع حماس أساسا كحركة مقاومة وليس تنظيما إسلاميا فحسب. لكن يبدو أن خطوطا أخرى أثرت، وربما كان لتجنب حركة حماس شكر تونس في خطاب إسماعيل هنية دور في ذلك. واستفادت هذه الأطراف أيضا من التشويش الذي قام به البعض خلال زيارة الدكتور أبو زهري مؤخرا إلى تونس، لخلق حالة ريبة بين الرئيس سعيد وحركة حماس، خاصة من خلال تشويه تصريحات الناطق الرسمي وترويجها بما يفيد حالة جفاء بينهما.
يبقى أن الرئيس سعيد لن يكون معذورا إن تكرر طلب قيادة حماس، وخاصة بعد البدء في الجولة المغاربية. مع الاحترام للإخوة في المملكة المغربية، فإن تونس التي رفضت رسميا التطبيع وبادرت بالاتصال بالمقاومة خلال العدوان هي الأولى بزيارة المقاومة.
بكل تأكيد هناك مصلحة مشتركة وراء هذه الزيارة إلى الشقيقة المغرب. بالنسبة لحماس، استطاعت الحركة أن تستثمر في انتصار معركة سيف القدس سياسيا من قبل تعزيز الإقرار الدولي الديبلوماسي بالموقع القيادي لحماس في المشهد الفلسطيني، خاصة إزاء ضعف وارتباك القيادة الفلسطينية في رام الله.
على الرئيس التدارك ودعوة إسماعيل هنية لزيارة تونس، التي ما فتئت تكون في واجهة الموقف المبدئي، وأصل ذلك سياق الثورة والديمقراطية، رغم كل المصاعب الداخلية وهشاشة العلاقة بالخارج، وإمكانية تأثيره في القرار السياسي.
المصدر: عربي 21