بعد نحو سنة من إلغاء زيارته إلى الجزائر إثر سوء تفاهم حصل بين البلدين حينها، عاد الحديث مجددا عن زيارة للوزير الأول الفرنسي، جون كاستاكس، تمت برمجتها مبدئيا يومي 23 و24 من الشهر الجاري، غير أنها بقيت في خانة عدم التأكيد.
هذا المعلومة أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس) نقلا عن قصر الإيليزي وتداولتها وسائل إعلام فرنسية، وجاء في البرقية “أن رئيس الوزراء جان كاستكس قد يقوم بزيارة إلى الجزائر يومي 23 و24 مارس”.
وكانت هذه الزيارة مبرمجة في أفريل من العام المنصرم، غير أنها ألغيت في آخر لحظة من قبل الجانب الجزائري، وذلك على خلفية اختزال الوفد الذي كان سيرافق كاستاكس إلى الجزائر، التي رأت بأن مسؤولي بعض القطاعات الوزارية التي كانت سترافق المسؤول الفرنسي، “دون مستوى الحدث”، فيما أرجع الطرف الفرنسي الإلغاء أو تأجيل تلك الزيارة إلى الاعتبارات المتعلقة بالظروف الصحية، في إشارة إلى جائحة “كورونا”.
ويطرح عدم تأكيد الرئاسة الفرنسية على الزيارة بالرغم من الحديث عن موعدها، أكثر من سؤال حول ما إذا كان جون كاستاكس سيحل بالجزائر في التاريخ المعلن، أم أنها لا تزال محل مشاورات من قبل الطرفين، علما أن الجزائر كانت الطرف الذي بادر بإلغاء الزيارة الأولى، ورافق ذلك تصريحات تضمنت منسوبا عاليا من الغضب.
وكانت تسريبات إعلامية قد تحدثت عن زيارة كاستاكس إلى الجزائر الأسبوع المنصرم، غير أن تلك التسريبات لم تصدق، ما يرجح فرضية وجود صعوبات تعترض سبيل هذه الزيارة، التي يبدو أنها لا تزال تعاني من تداعيات إلغاء موعد السنة المنصرمة.
وتأتي هذه الزيارة، إن ترسمت، في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية حالة من الاستقرار، ميزته المكالمة الهاتفية التي بادر بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، قبل نحو شهر من الآن، وهو التواصل الذي أنهى رسميا الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين البلدين، والتي تسببت فيها التصريحات “غير المسؤولة” للرئيس الفرنسي، التي شكك من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي، كانت سببا في استدعاء سفير الجزائر في باريس من أجل التشاور، والذي لم يعد إلى منضبه إلا مطلع العام الجاري.
ويدين الطرف الفرنسي في هذا العمل إلى الدبلوماسية المرنة التي انتهجها وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، في تقريب وجهات النظر بين البلدين، وسعيه إلى تهدئة التوتر بين العاصمتين، من خلال اللقاء غير الرسمي الذي جمعه بنظيره الجزائري رمطان لعمامرة في القمة الأفريقية الأوروبية بالعاصمة الرواندية كيغالي في أكتوبر المنصرم.
ويجسد هذا التقارب تلبية سفير الجزائر بباريس، محمد عنتر داود، الدعوة التي وجهها له الرئيس الفرنسي، من أجل المشاركة في الاحتفاليات المخلدة للذكرى الستين للتوقيع على اتفاقيات إيفيان، التي انتظمت السبت بقصر الإيليزي.
غير أن مشاركة سفير الجزائر في احتفال قصر الإيليزي لا يشكل بالضرورة تصفية للأجواء بين الجزائر بصفة نهائية، فخطاب الرئيس الفرنسي في ذكرى 19 مارس 1962، والذي تحدث فيه مطولا عن الذاكرة، لا يزال قيد التحليل والدراسة في مؤسسات الدولة الجزائرية، وبناء على خلاصة ذلك سيتبلور موقف واضح مما قاله ماكرون، والذي يبقى برأي الكثير من المتابعين للشؤون المتعلقة بالذاكرة، دون مستوى ما كان يأمله الطرف الجزائري.