أخبار متسارعة ومتتالية بين الحين والآخر تروي ما يجري في فضاء تونس السياسي، هذه الأزمة التي باتت حديث الصغير قبل الكبير في المجتمع التونسي، وأصبح الحل غير واضح بين رأسي الحكم، رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس الجمهورية قيس سعيد، صراع استمر لأسابيع دون أي تهدئة، بل تطور إلى اتخاذ اجراءات أحادية الجانب، وتعيين وزراء دون موافقة رئيس قصر قرطاج.
نزاع أتعب معظم السياسيين بعد انقسامهم بين مؤيد لقرار المشيشي وبين مخالف ومحذر، وإلى الآن لا أحد يستطيع أن يرى ما تخفيه الأيام القادمة في تونس، فالأوضاع الاقتصادية أصبحت هشة للغاية، وغلاء فاحش وموجات احتكار من قبل أصحاب الأموال، فالوعود والآمال التي انتظرها الشباب التونس لم يبقى منها إلا حل النزاع السياسي بين المختصمين، دون الالتفات إلى أزمات الداخل وأزمة جائحة كورونا التي شغلت العالم.
وقد عبر الاتحاد العام التونسي للشغل، بالغ انشغاله لتأزم الوضع خاصة بعد أزمة التحوير الوزاري الأخير والمأزق الدستوري الذي اتصل به الذي أفضى إلى تعطل مصالح الدولة وإلى شلل عام لكل أجهزتها وعقد الوضع السياسي في اتجاه المجهول، و وصف الاتحاد العام التونسي للشغل تعامل الحكومة مع جائحة الكورونا “بالغموض” في علاقة بالتحاليل وبالتلاقيح مطالبا بالإسراع باتخاذ الإجراءات الضرورية لطمأنة الشعب التونسي الذي باتت همومه هامشية في ظل هذه الصراعات.
هذه التحذيرات من أجل عدم الانجرار إلى منزلق خطير يأخذ تونس إلى مأزق أمني، ففي مثل هذه الأزمات تنشط المجموعات المتطرفة، والتي نشطت قبل سنوات في تونس وارتكبت جرائم ضربت الأمن والاستقرار وشلت العجلة الاقتصادية، ليس من صالح أي طرف من الأطراف السياسية أن يبقى الخلاف قائم بين رأسي الهرم، لأن هناك أيادي خارجية خفية تستغل هذه الفوضى للتغلغل بين الشعب، وإثارة النعرات السياسية والطائفية التي لا يحمد عقباها.