مع حلول موسم الاصطياف، يصبح الشغل الشاغل لأغلبية العائلات الجزائرية خاصة العاملين طوال أيام السنة، البحث عن العروض الملائمة لقضاء العطلة الصيفية والتخلص من التعب من أجل تجديد النشاط والاستجمام، حيث باشرت الوكالات السياحية في حجوزات الرحلات الجوية والفنادق للراغبين في قضاء عطلة الصيف خارج الوطن.
مع بداية موسم الاصطياف، تنوعت الوجهات نحو بعض الدول العربية الشقيقة، خاصة تونس التي تعرف توافد عدد كبير من السياح الجزائريين، كون قضاء أسبوع بإحدى المدن التونسية يعادل قضاء 3 أيام بإحدى المدن الجزائرية، لذلك ارتفعت نسبة الوافدين على هذا البلد الشقيق سنة بعد سنة من خلال الإشهار المجاني الذي يروج له الجزائريون الذين زاروها وصاروا يقنعون فئات أخرى بخوض التجربة لانخفاض تكاليفها.
في هذا الموضوع، تقول صاحبة وكالة “لاندينغ ترافل” بالعاشور في العاصمة أسما (ب) في حديثها مع “الخبر” أنه بعد انتهاء شهادة البكالوريا، وتحديدا في 10 جوان، بدأت الحركة السياحية تنتعش بشكل كبير خاصة نحو تونس، وذلك مقارنة بنوعية وسعر الفنادق والمنتجعات السياحية، حيث يفضل الشباب التوجه نحو الحمامات وسوسة، أما العائلات فتجد ضالتها في المناطق الأكثر هدوءا مثل المونستير والمهدية.
وكشفت أسماء أن أسعار الفنادق في تونس تختلف بشكل كبير، حسب الخدمات المتوفرة، حيث تتراوح الأسعار خلال هذه الفترة بين 25000 دج و39000 دج للشخص الواحد لمدة خمسة ليالي، مشيرة إلى أن الفنادق التي تكون أسعارها جد رخيصة لا ترقى عادة للمستوى المطلوب رغم ما تظهره من جمالية الصور والفيديوهات عبر صفحاتها.
وأردفت المتحدثة أن الوكالات السياحية توفر عروضا خيالية ومغرية في بعض الأحيان، خاصة فيما تعلق بالرحلات المنظمة والتي تسيل اللعاب لتوفرها على الإقامة والإطعام، وما إلى غير ذلك من أمور تصب في مصلحة السياح، فكل ما يكلف المواطن الراغب في السياحة ببلد آخر هو دفع التكاليف والمستحقات، بينما تهتم الوكالة المشرفة بباقي الإجراءات اللازمة.
تركيا لم تعد تستهوي الجزائريين …
وتابعت المتحدثة “يوجد تراجع كبير في الطلب على تركيا مقارنة مع السابق، وذلك نظرا لزيادة تكلفة التأشيرة منذ حوالي سنتين التي وصل سعرها إلى 26000 دج، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم.
وبالرجوع إلى السنوات السابقة، كانت تركيا تأتي في مقدمة الوجهات السياحية للجزائريين من حيث الإقبال، لما تتوفر عليه من خدمات سياحية وأسعارها المعقولة نوع ما.
وفي هذا الصدد، أشارت صاحبة الوكالة إلى أن الوجهات الخارجية تعرف إقبالا محتشما من طرف المواطنين مقارنة بالوجهات الداخلية، أين يتجه الكثيرون نحو بعض المناطق خارج الوطن، وذلك لأن التكاليف متقاربة مع الوجهات الداخلية، مؤكدة أنه توجد فنادق بمعايير دولية في الجزائر وتتوفر على أرقى الخدمات، إلا أن أسعارها تعتبر خيالية وهي متاحة لطبقة معينة فقط، فضلا عن انعدام الثقافة السياحية لدى الجزائري كل ذلك أدى إلى بحث المواطنين عن وجهات خارجية بسعر أفضل.
الثقافة السياحية غائبة
من جهة أخرى، تقربنا من بعض المواطنين للوقوف على واقع السياحة في الجزائر، وأجمع الكثير منهم أنه رغم وجود مناطق خلابة في بلدنا، إلا أننا لازلنا لم نرتقي بعد في هذا المجال لغياب الثقافة السياحية، وهو سبب عزوف الكثيرين عن استكشاف جمال الجزائر.
تقول سارة من الجزائر العاصمة: “قضيت ثلاثة أيام رفقة زوجي بأحد الفنادق في العاصمة، في الحقيقة سعدت لهذه التجربة، ووجدت أن الخدمات لا بأس بها إلا أنني لاحظت أن الأسعار بهذا المرفق مرتفعة نوعا ما. فسعر الليلة الواحدة بـ 18000 دج، إلا أننا استغلينا فرصة التخفيضات ودفعنا 13500 دج مقابل المبيت وفطور الصباح فقط”، مؤكدة أنها لم تستفد من أي وجبة أخرى خلال إقامتها واضطرت إلى الاستعانة بخدمات توصيل الطعام.
وأضافت أن أكثر ما أزعجها هو أن شاطئ الفندق أصبح، خلال السنوات الأخيرة، غير خاص بهذا الأخير، أي أنه بات عموميا ويسمح لجميع المواطنين بالدخول إليه، وهو ما قضى على خصوصية المكان.
ويروي محمد تجربته السياحية في الجزائر قائلا: “قررت الذهاب رفقة صديقي إلى أحد المنتجعات السياحية بزموري في بومرداس، وبقينا بهذا المكان لمدة يومين.. في الحقيقة كان الاستقبال جيدا وخدمة الغرف كانت في المستوى خاصة فيما يتعلق بالنظافة، إلا أن السعر كان مرتفعا ودفعنا مبلغ 17000 دج لليلة الواحدة من دون حتى الاستفادة من فطور الصباح… لذلك قررت عدم تكرار هذه التجربة مجددا، وسأوفر أموالي لقضاء العطلة المقبلة في تونس”.
ونظرا لغلاء المرافق السياحية، تفضل العديد من الأسر الجزائرية قضاء عطلتها الصيفية بكراء شقق في المناطق الساحلية، وفي الكثير من الأحيان نجد بأن هذه البيوت تفتقد إلى العديد من الضروريات كالانقطاع المتكرر للمياه، الأثاث القديم، بعدها عن الشاطئ بالإضافة إلى غياب التهيئة الخارجية سواء المتعلقة بتعبيد الطرقات، تدهور قنوات مياه الصرف الصحي وغياب الإنارة العمومية …إلخ.
وفي هذا الصدد، حدثتنا إسراء أم لأربعة أطفال عن تجربتها، تقول “ذهبت رفقة عائلتي إلى ولاية جيجل، نظرا لأن عائلة زوجي تنحدر من هذه المنطقة، كانت أول مرة أزور فيها هذه الولاية التي كانت شواطئها قمة في البهاء.. يومها قررنا كراء شقة مكونة من غرفتين وكانت هنا الصدمة، جدران مصبوغة باللون البرتقالي المتعب للأعين، أثاث قديم، مطبخ وكأنه لم يتغير منذ العشرية السوداء، وحمام لونه أزرق تملؤه براميل كبيرة “.
وأشارت إلى أنها صدمت بالوضع الكارثي لشقة وقررت عدم الرجوع مجددا للقيام بنفس “المغامرة”.