استضاف برنامج ضيف وحوار على شاشة قناة العالم الإخبارية أمين عام حزب العمال التونسي حمة الهمامي حول آخر المستجدات السياسية في ظل الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد.
العالم: ما هو موقف حزب العمال من الاجراءات الإستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد؟
الهمامي:”حزب العمال كان قد نادى قبل 25 من يوليو بإسقاط المنظومة كمنظومة التي نعتبرها منظومة 2019 بشكل خاص والمنظومة التي حكمت تونس منذ ما بعد الثورة بشكل عام هي منظومة فاسدة ومنظومة عمقت الفساد في تونس ومنظومة ادارت ظهرها الى مطالب الثورة التونسية سواء يتعلق الأمر بحركة النهضة التي كانت حاضرة قبل عشرة سنوات او الذين تحالفت معهم وفي مقدمتها حركة نداء تونس لذلك كلنا نعتبر أن الأوضاع التي وصلت اليها تونس تحتم التغيير والتغيير الحقيقي سواء كان في السياسة الداخلية او السياسة الخارجية، نحن اعتبرنا ان رئيس الجمهورية قيس سعيد هو طرف في هذه الأزمة ودخل الصراع مع الطرف المقابل مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة صراع حول الحكم وحول الصلاحيات وهذا الصراع تطور شيئا فشيئاً الى أن اصبح في وقت من الأوقات الى صراع حدي يقتضي ازاحة احد هذين القطبين وبالنسبة الى حزب العمال منذ اواخر شهر نيسان/ أبريل قلنا للتونسيات والتونسيين أنه احد الاحتمالات الممكنة في تونس هو الانقلاب، قلنا ذلك عندما بدأت ثمة صراع حول السيطرة على الاجهزة وخاصة القوات الحاملة للسلاح.
بطبيعة الحال جاء 25 من يوليو/ تموز وتفعيل فصل 80 قيس سعيد في هذه العملية استغل وضع لا نقاش فيه واستغل أزمة خانقة واستغل النغمة الشعبية ازاء حركة النهضة وازاء الحكومة وأزمة خلق بكل مقاييس على مستوى الإقتصادي والسياسي والإجتماعي والأمني والأخلاقي والقيمي اي ازمة شاملة وقال أنه سيفعل فصل 80 وبالواقع قيس سعيد لم يفعل فصل 80 وهذا الفصل لا يسمح له بحل البرلمان ولا يسمح له بازاحة الحكومة وانما استعمل فصل 80 للقيام بانقلاب من اجل استيلاء على السلطة واستولى فعلا على السلطة، وفعل هذا الأمر ليس بارادة الشعب، البرلمان لم يغلقه الشعب بل اغلقه الجيش وقصر الحكومة اغلقه الجيش واغلقه الأمن”.
العالم: بما انكم كنتم من دعاة رحيل المنظومة قبل 25 يوليو لماذا اتخذتم هذا الموقف من قيس سعيد؟
الهمامي: اتخذنا هذا الموقف لأننا نعتبر قيس سعيد جزء من هذه المنظومة ثم انه بالنسبة الينا نحن نعتبر أن ما يقتضيه الوضع في تونس وما يقتضيه وضع الشعب التونسي هو مشروع افضل مما كان عليه وضع زمن حركة النهضة، نحن كنا في ديمقراطية تنفيذية فعلا متقدمة، لماذا هذه الديمقراطية المتقدمة عفنتها لوبيات والفاسدون ونمط الإقتصاد لأن الثورة التونسية فعلا هي ثورة لكن هذه الثورة مست فقط شكل سلطة الدولة يعني انتقلنا من نظام ديكتاتوري الى نظام ديمقراطي تنفيذي، القاعدة الإقتصادية – الإجتماعية للدكتاتورية يعني حفلة العائلات الفاسدة المتمكنة من مفاصل الاقتصاد ومن مفاصل الثروة في تونس حوالي 20 – 30 عائلة تتحكم على نصف الثروة في تونس.
العالم: لو لم يقدم قیس سعید على هذه القرارات هل كان هناك بديل من أجل تصحيح الوضع في البلاد؟
الهمامي: فعلا هناك بديل آخر، اولا قيس سعيد كان ضمن المنظومة وليس خارجها وطوال عامين قيس سعيد لم يقدم ولو مشروع قانون واحد لفائدة هذا الشعب، بالإضافة الى ذلك قيس سعيد ساهم في تعفين هذا الوضع، الإتحاد العام التونسي للشغل طرح حواراً وطنياً في نوفمبر عام 2020، بالإضافة الى ذلك ماذا قدم قيس سعيد؟ هل ان تونس مكتوب لها ومقدر لها ان تنتقل من نظام فاسد ومنظومة فاسدة تقودها النهضة الى منظومة استبدادية؟ عملیاٌ قیس سعید قدم مشروعاً وارقى يتجاوز ما قدمته النهضة؟ طوال عامين لم يقدم اي شيء ولم يحارب النهضة لا حول الخيارات الإقتصادية ولا الخيارات الإجتماعية ولا حول الخيارات السياسية.
العالم: وهل كانت صلاحياته تسمح له بحرب حركة النهضة؟
الهمامي: “فعلا، ثمة ما يمكن نعتبره كذبة في تونس وهي رئيس الدولة ليست له صلاحيات، هذا ليس صحيح، رئيس الدولة هو ضامن الدستور والدستور فيها حقوق، عدا الحريات والحقوق السياسية فيها حقوق اجتماعية، رئيس الدولة هو المسؤول عن تفعيل تلك الحقوق بما في ذلك الخيارات الإقتصادية، ماذا فعل قيس سعيد في هذا المجال؟ بالاضافة الى السيادة على الثروات حق دستوري هل دافع قيس سعيد عن الثروات الوطنية؟ هل طالب بالدفاع عن الثروات الوطنية؟ هل طالب بإلغاء الاتفاقيات المهينة لتونس؟ لا لم يطالب بها!
هل طالب قيس سعيد مثلا بعدالة جبائية وهي موجودة في الدستور؟ لا قيس سعيد حصر صراعه مع حركة النهضة ومع المشيشي رئيس الحكومة حول قضية الصلاحيات ولكن عدا ذلك بعد 25 يوليو ماذا قدم قيس سعيد؟ هل تحدث مع التونسيين حول مستقبلهم؟ لم يتحدث!
هل تحدث مع الإعلاميات والإعلاميين؟ لم يتحدث معهم! هل تم اناء الشعب الذي يشمل عمال وعاطلون عن العمل وفلاحون وتجار ومثقفون وشباب ونساء؟ لا لم يتم ذلك! هل طمأن قيس سعيد اتحاد الصناعة والتجارة؟ هو طمأن الأعراف وأرباب البنوك وشركات التأمين، قيس سعيد طمأن بالأزمة الصحية اصحاب مختبرات الطبية والصيادلة، لم يستقبل ولو مرة واحدة الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل، كذلك قيس سعيد في نفس الوقت طمأن من؟ طمأن القوى المهيمنة على تونس، يتحدث مع الأمريكان حول مستقبل تونس، يتحدث مع مكرون الفرنسي حول مستقبل تونس، يتحدث مع قطر وتركيا والإمارات والسعودية ومصر والجزائر حول مستقبل تونس لكنه لا يتحدث مع الشعب حول مستقبل تونس، نحن نعرف جيداً أنه لا يمكن ان يهدأ بعصا سحرية ولكن اعطني مشروعك! ما هو مشروعك الذي تقوله للعمال الذين يعانون من غلا المعيشة وظروف العملة الصعبة، ماذا تقول لمليون عاطل عن العمل؟ كيف ستوفر لهم الشغل؟ ماذا تقول لـ3 ملايين و 200 الف فقير؟ كيف ستساعدهم على تجاوز حالة الفقر؟”.
العالم: هذا الموقف جعلكم في تقاطع مع عدة قوى سياسية ربما بعضها بينكم وبينها عداوة تاريخية خصوصا حركة النهضة، اليس كذلك؟
الهمامي: لا نحن لسنا في تقاطع مع حركة النهضة مطلقاً، نحن حاربنا حركة النهضة فكريا وسياسيا وعمليا، نحن لسنا بموقف واحد، كذلك عبير موسي وحزب الدستوري الحر لسنا بنفس الموقع، حركة النهضة تحارب قيس سعيد للرجوع الى ما قبل 25 يوليو، نحن قلنا لا رجوع الى قبل 25 يوليو ولكننا قلنا في نفس الوقت لا رجوع الى ما قبل 14 يناير 2011، لا رجوع الى الدكتاتورية في شكل شعبوي وحكم فردي جديد ولا رجوع الى منظومة حركة النهضة وهنا اريد ان اوضح نقطة، لم يعترض احد على اجراءات قيس سعيد الأخيرة، كيف يمكن لنخب تدعي التقدمية والديمقراطية ان تقبل بهذا؟ هل يعقل في قرن 21 وبعد ثورة الحرية والكرامة في تونس يأتي الرئيس ويقول انا المشرع الوحيد، انا صاحب السلطة التنفيذية الوحيدة، انا قاضي القضاة وانا المؤسس وهو الذي سيراجع الدستور وهو الذي سيغير القوانين، هذا اسمه استبداد ويقول ساحمي البلاد بمراسيم غير قابلة للتعميم مطلقاً”.
وكالات