أطلق نواب جدد في البرلمان الجزائري المنبثق عن انتخابات ١٢ من الشهر الحالي مسعى لتشكيل تحالف سياسي لدعم الرئيس عبد المجيد تبون وسياساته خلال ولايته (2019 – 2024). ويتوقع مراقبون أن تتشكل الحكومة الجديدة المرتقبة، من أحزاب «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، ونواب مستقلين.
ويتصدر المسعى تنظيم «الحصن المنيع»، الذي ترشح بلوائح مستقلة عدة في الانتخابات فاز منها 27 مترشحا. وقال رئيسه ياسين مرزوقي لـ«الشرق الأوسط»، إنه أجرى اتصالات مع أحزاب فازت بمقاعد بغرض «تشكيل مجموعة تساند برنامج الرئيس تبون»، مبرزا أن «الوضع الاقتصادي الصعب يدفع إلى الالتفاف حول خطة الرئيس الخروج من الأزمة لاستعادة التوازنات المالية للبلاد».
وأكد مرزوقي، وهو صحافي قديم، أن البرلمان الذي أفرزته الانتخابات «يمنح الرئيس هامشا مريحا لتنفيذ سياساته»، في إشارة ضمنا إلى أن غالبية المقاعد 407 عادت إلى أحزاب أعلنت تأييدها له منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2017، وأهمها «جبهة التحرير» (105 مقاعد) و«التجمع الوطني الديمقراطي (57 مقعدا) وجبهة المستقبل» (48 مقعدا)، و«حركة البناء الوطني» (40 مقعدا).
وعقد مرزوقي أول من أمس، اجتماعا بالعاصمة مع رئيس «جبهة الحكم الراشد» عيسى بلهادي ورئيس «صوت الشعب» الأمين عصماني (3 مقاعد لكل منهما)، وتم الإعلان عن ائتلاف داعم للرئيس. ولا يستبعد ناشطون في «الحصن المتين»، إعلان التشكيلات السياسية الكبيرة الفائزة في الانتخابات، مبادرة لدعم الرئيس خاصة بهم.
ويشبه المسعى «التحالف الرئاسي» الذي أطلقته أحزاب «جبهة التحرير» و«التجمع الديمقراطي» و«حركة مجتمع السلم»، في 2004 غداة فوز الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بولاية ثانية، على سبيل إسناده لتعزيز حكمه. وتشكلت حكومات الرئيس التي تعاقبت، من «التحالف» الثلاثي الذي تلاشى مع الوقت لغياب الانسجام بين أقطابه. كما أن بوتفليقة لم يظهر حرصاً على استمراره بعد انتخابه لولاية ثالثة في 2009.
وأفاد مصدر في «المجلس الدستوري»، بأن رئيسه كمال فنيش سيعلن قبل نهاية الأسبوع عن النتائج النهائية للانتخابات، في ضوء دراسة الطعون الكثيرة التي رفعت إليه، يحتج أصحابها على «أعمال تزوير» حرمتهم حسبهم، من عدة مقاعد. وبعدها ستبدأ الاتصالات بين الرئيس والأحزاب الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة. وجاء في الدستور أن الرئيس يعين وزيرا أول ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة وإعداد «مخطط عمل» لتطبيق البرنامج الرئاسي، الذي يعرضه على مجلس الوزراء، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية». ولا يتعدى دور الوزير الأول، اقتراح أسماء الحكومة على رئيس الجمهورية، الذي يمكنه أن يقبل أو يرفض.
واستبعدت نتائج الاستحقاق الاحتمال الثاني، الوارد في الدستور، وهو أن يعين الرئيس رئيسا للحكومة من المعارضة إذا آلت إليها الأغلبية. وفي الحالتين يبقى اختيار رئيس الطاقم التنفيذي بيد رئيس الجمهورية.
إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، أمس في خطاب نشرته الوزارة الأولى بحساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي، بأن يحافظ «مخطط الإنعاش الاقتصادي» (2020 – 2024) على «الطابع الاجتماعي للدولة من أجل تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية للمواطن، ولا سيما الفئات الأكثر هشاشة»، مشيرا إلى أنه «سيسمح بتعزيز الأمن الطاقوي والغذائي للبلاد من أجل الحفاظ على سيادتها الوطنية، وضمان السيادة من حيث الخيارات الاقتصادية بما يخدم المصلحة الـمثلى للبلاد».
وأكد جراد أن قطاع المحروقات «يحتل مكانة مركزية في اقتصادنا، حيث يوفر أكثر من 90 في المائة من الصادرات ويمثل ما يقارب 40 في المائة من إيرادات الدولة. ومع ذلك، فإن ما يشكل قوته شكل أيضاً أكبر نقاط ضعفه. فالاقتصاد الجزائري لا يزال في الواقع يعتمد بشكل كبير على الأسعار الدولية للنفط والغاز التي شهدت اتجاهاً تنازلياً منذ صدمة 2014». مشيرا إلى أن «صندوق ضبط الإيرادات أدى) دوره بالفعل من خلال التخفيف جزئياً من انخفاض الاحتياطيات، حيث تم استهلاكه بالكامل ابتداء من سنة 2017».
الشرق الأوسط