قال نقيب الصحافيين التونسيين، مهدي الجلاصي، إن “هناك قراراً سياسياً بمنع كل الأحزاب من دخول التلفزيون الحكومي، والمشاركة في برامجه، وهو ما يمثل انتكاسة كبرى لحرية الصحافة في البلاد”.
ولفت نقيب الصحفيين في حديثه لـ”رويترز” “منذ 25 يوليو (تموز)، صدر قرار سياسي بمنع جميع الأطراف من دخول التلفزيون.. وهو أمر خطير للغاية وغير مسبوق يهدد بشكل خطير حرية الصحافة ويكرس النزعة الفردية في السلطة”.
وشدد على أن “الإعلام في تونس اليوم بعد 2011 هو إعلام عمومي، وليس إعلاماً حكومياً”، مضيفاً أن “الإعلام العمومي يفترض التعددية وطرح مختلف وجهات النظر”.
وجدد الجلاصي مطالبته بأن تكون “التعيينات على رأس مؤسسات الإعلام العمومي، وفق الرأي المطابق من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، ووفق عقد أهداف واضح”.
عدم التزام بالتعدد والتنوع
من جهتها، سجلت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري تراجع حضور الأحزاب السياسية في التلفزة الوطنية التونسية، وأكدت عضو الهيئة راضية السعيدي في تصريح خاص، أن التقرير الذي أنجزته وحدة الرصد في الهيئة، خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 يوليو 2021، بين أنه تم منح الأحزاب السياسية خمس دقائق فقط، خلال تلك الفترة.
ولاحظ مجلس الهيئة “عدم الالتزام بمبادئ التعدد والتنوع والتوازن، سواء كان ذلك على مستوى المدة الزمنية المخصصة لمختلف المواقف والفاعلين السياسيين أو طريقة التناول للمواضيع ذات الصلة”.
وعاين مجلس الهيئة “إخلالات جسيمة في العديد من القنوات التلفزية والإذاعية، تتعلق بحق المواطن في المعلومة، وحقه في التعبير عن آرائه، ومواقفه والاطلاع على مختلف الآراء والأفكار، وطالت هذه الإخلالات حق مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في النفاذ لفضاءات هذه القنوات”.
ودعت الهيئة رئاسة الجمهورية إلى توضيح رؤيتها حول مستقبل الإعلام في تونس ورسم سياسة اتصالية ناجعة مع مختلف الأطراف المتدخلة.
وأكدت السعيدي أن “الهيئة راسلت الحكومة في عدة مناسبات من أجل القطع مع آلية التسيير المؤقت، واعتماد آلية الرأي المطابق بالاعتماد على التناظر وعلى أساس عقد الأهداف والوسائل”.
إضراب عام
في الأثناء، طالب ممثلو نقابات مؤسسة التلفزة التونسية، رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، بالتعجيل في تعيين “شخصية إصلاحية تترأس المؤسسة، لتنقذها من الوضع الكارثي الذي وصلت إليه”، معلنين عن المضي في قرار تنظيم إضراب عام بتاريخ 13 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وشددت لمياء إبراهيم، الكاتب العام لنقابة الإخراج التلفزي بمؤسسة التلفزة التونسية، خلال ندوة صحافية عُقدت يوم الخميس 6 يناير 2022، بدار الثقافة ابن خلدون بالعاصمة، على أن “الرأي العام يعتبر أن أبناء المؤسسة غير قادرين على إنتاج مادة إعلامية ودرامية محترمة، والحال أن المؤسسة تزخر بالكفاءات وأن الإشكال الرئيس يتمثل في أن قرار الإنتاج أصبح قراراً سياسياً خارج إرادة المؤسسة وأبنائها”.
واعتبرت أن القناة الوطنية “أصبحت تمثل، في فترة ما، حزباً معيناً، على الرغم من تعدد المحاولات داخل المؤسسة لتحييدها عن التجاذبات السياسية”.
نفي الاتهامات
في المقابل، قالت الرئيسة المديرة العامة للتلفزيون العمومي عواطف الصغروني لـ”رويترز” “ليس هناك أي قرار أو تعليمات من أي جهة بمنع استضافة الأحزاب السياسية”.
وأضافت “على العكس نشرة الأخبار الرئيسة والبرنامج السياسي الرئيس في وقت الذروة يغطيان كل أنشطة الأحزاب من دون استثناء بما فيها الحزب الدستوري الحر والنهضة على سبيل المثال”.
وكان الرئيس، قيس سعيد، قد أصدر في 28 يوليو 2021 أمراً رئاسياً يقضي بإعفاء محمد لسعد الداهش، من مهامه كمدير عام للتلفزة الوطنية وتكليف عواطف الدالي بتسيير مؤسسة التلفزة الوطنية مؤقتاً.
independentarabia