تتداول عدة أطراف أنباء عن تأجيل مرتقب للقمة العربية المقررة في الجزائر بعد توسع دائرة الخلافات العربية- العربية، المعلنة منها والخفية ومعاناة أخرى من مشاكل داخلية، وفي حين يضغط تباين وجهات النظر حول مختلف القضايا باتجاه تأجيلها تتمسك الجزائر بعقدها في موعدها المحدد.
ومع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يزداد الحديث عن التأجيل “سخونة” كحرارة فصل صيف هذا العام، لا سيما أن الغموض بات سيد الموقف حيال بعض الملفات والمواضيع “المختلف” حولها، كما أن تعدد المشاكل والخلافات في ما بين الدول العربية يعرقل التقارب الذي تعمل الجزائر على تحقيقه من أجل إنجاح القمة التي تأجلت منذ 2019، آخر لقاء للقادة العرب في تونس، لأسباب مرتبطة بجائحة كورونا.
وتظهر الجزائر استعداداً كبيراً لاستضافة القمة التي أكد الرئيس عبد المجيد تبون، أنها “ستكون ناجحة، لأنها تهدف إلى لم الشمل العربي عقب سنوات من التفرقة والتشرذم”، لكن يبدو أن الخصومات الظاهرة والخفية تتوسع عكس ما تشتهيه الجزائر، فبعد توتر علاقاتها مع المغرب، جاء الدور على اهتزاز ما يجمع الرباط وتونس، وعودة الفوضى المسلحة إلى ليبيا، ثم بعض “التقطعات” الخفية بين القاهرة والجزائر التي استقبلت رئيس الوزراء الإثيوبي، والتداخل الحاصل في العراق ولبنان، وعودة اصطفاف البعض مع إيران، والاختلافات حول حضور سوريا في القمة، كلها عوامل باتت تهدد عقد القمة في موعدها المحدد.
أسباب التأجيل والانعقاد
وعن ذلك، يقول أستاذ العلاقات الدولية ورئيس مركز الجمهورية الجديدة للدراسات السياسية والاستراتيجية، حامد فارس، في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، إن حالة من عدم اليقين تحيط بالقمة العربية المقرر عقدها في الجزائر، خصوصاً مع زيادة حدة الخلافات التي قد تكون سبباً رئيساً لتأجيل هذه القمة، وأضاف أنه على الرغم من قيام الجزائر بكل الجهود لعقد اللقاء العربي في موعده فإن الأوضاع الحالية تنذر بتأجيلها، فهناك ملفات شائكة لم يتم حسمها بعد ومن أهمها عودة سوريا إلى الجامعة العربية، إذ تسعى الجزائر إلى حضور دمشق في القمة مقابل غياب موقف موحد حول الموضوع في ظل رفض البعض للخطوة وتريث البعض الآخر، بالإضافة إلى قضايا لا تزال عالقة.
ويتابع فارس، أن التوتر الجزائري- المغربي سيكون له انعكاسات خطيرة على القومية العربية، وزادت حدة هذه الأزمة في أعقاب خطوة سحب السفراء بين تونس والرباط، الأمر الذي جعل العلاقات بين دول المغرب العربي متوترة بشكل كبير، وتساءل: هل يمكن عقد القمة في موعدها في ظل هذه الصراعات المتزايدة؟ مبرزاً أنه على النقيض هناك أسباب تدفع في اتجاه عقد القمة في موعدها، فالحرب الروسية- الأوكرانية وانعكاساتها على الأوضاع الدولية بشكل عام والمنطقة العربية خصوصاً، تستعجل لقاء عربياً رفيعاً ينبثق عنه موقف قوي، لا سيما في ظل أزمتين لا يمكن التغلب عليهما إلا من خلال التكاتف العربي وهما أزمة الطاقة ومشكلة إمدادات الغذاء.
الأوضاع المستجدة
من جهة أخرى، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، إسماعيل خلف الله، أن القمة العربية المقررة في الجزائر ستعقد في موعدها المحدد مستبعداً تأجيلها، وقال إن الأوضاع المستجدة هي التي تدعو إلى عقد القمة لا إلى تأجيلها، موضحاً أنه أصبح من الضروري أن يتم عقد هذه القمة في أقرب الآجال، وتابع، “يفصلنا قرابة شهرين عن تاريخها المقرر في الأول من نوفمبر وأرى أنه لا يمكن الإقدام على مزيد من التأخير”، وختم “هناك أطراف تروج لتأجيل القمة وتسوق لها وتسعى للتشويش على تنظيمها ونجاحها بهدف منع تحقيق أي توافق عربي أو تقارب يعيد الاعتبار للمنطقة العربية”.
نفي من الجامعة العربية
إلى ذلك، نفى مسؤول رفيع المستوى بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وجود أي توجه لتأجيل القمة العربية، وقال في تصريحات إعلامية، إن التقارير التي نشرت في هذا الشأن غير صحيحة، لافتاً إلى أن الإعداد والتحضير للقمة يجري على قدم وساق بين الأمانة العامة والحكومة الجزائرية، وأشار إلى انطلاق أعمال الدورة الـ158 لمجلس الجامعة العربية، الأحد المقبل، على مستوى المندوبين الدائمين للتحضير لانعقاد الدورة على مستوى وزراء الخارجية، التي ستعقد، الثلاثاء المقبل، والتي سيكون بندها الرئيس إعداد الملفات التي ستناقشها قمة الجزائر، في حين سينتهي المجلس الاقتصادي الاجتماعي للجامعة من إعداد الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي ستطرح على القمة.
وأوضح أن أزمات المنطقة العربية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة، ستكون على رأس ملفات “الوزاري العربي”.
استكمال التحضيرات
وكان رئيس الحكومة الجزائرية، أيمن بن عبدالرحمن، قد شدد على أن تحضيرات بلاده لاستضافة القمة العربية المقبلة، “تجري على قدم وساق، وقد تحقق منها جزء مهم، يسمح لنا اليوم باستشراف قمة ناجحة، تعيد للجزائر بريقها وتعزز دورها الإقليمي والدولي”.
وأضاف بن عبدالرحمن، أنه يتعين اليوم العمل على استكمال تحضيرات القمة العربية والعمل على نجاحها من الناحية التنظيمية، معتبراً أن إطلاق البوابة الإلكترونية يعد جزءاً مهماً من تحضيرات القمة، كونها تضمن التكفل بالجوانب الإعلامية المتعلقة بهذه القمة، وكذلك تسهيل تسجيل الوفود العربية المشاركة وإحاطتها بجميع التدابير التنظيمية.
وأشار إلى أن “الجزائر التي ستستضيف الأشقاء العرب تتطلع إلى أن تحقق مبتغاها في أن تكون قمة جامعة وكفيلة باسترجاع وحدة الصف العربي، وتعزيز العمل العربي المشترك حول أهم قضايا الأمة العربية”.
independentarabia