انتقلت أحزاب اليمين الفرنسي إلى السرعة القصوى في محاولتها لضرب مصالح المهاجرين الجزائريين على أراضيها، من خلال مقترح لائحة قرار بمجلس الشيوخ “السينا”، لإلغاء العمل باتفاقية الهجرة بين البلدين لسنة 1968.
في هذا السياق بدا واضحا استغلال الظرف الحالي من طرف تشكيلات لليمين واليمين المتطرف الفرنسي، لتقديم مقترح لائحة قرار بمجلس الشيوخ، يدعو إلى إلغاء أحادي الجانب من طرف السلطات الفرنسية طبعا، لاتفاقية الهجرة مع الجزائر التي يعود تاريخ التوقيع عليها إلى 27 ديسمبر 1968.
وورد في مقترح لائحة قرار نشر الأربعاء على موقع مجلس الشيوخ الفرنسي “السينا” موقع عليه من قبل 88 سيناتورا أغلبهم عن الجمهوريين (اليمين)، اطلعت عليه “الشروق”، تحامل واضح من الموقعين على الوثيقة، رغم أنها منبثقة عن اتفاقيات إيفيان التي أنهت التواجد الفرنسي بالجزائر بعد 132 سنة من الاستعمار.
واعتبر أعضاء مجلس الشيوخ الموقعين على المقترح أنه بات ضروريا اليوم وقف ما أسموها “الهجرة الجماعية” نحو فرنسا، وبأن اتفاقية الهجرة لسنة 1968 مع الجزائر نجم عنها نظام يسهل هجرة الرعايا الجزائريين نحو فرنسا.
وزعم موقعي المقترح أنه لم يعد هناك أي سبب يجعل الجزائريين دون غيرهم يستفيدون من هذا الوضع التفاضلي الذي يسمح لهم بالدخول والإقامة في فرنسا، رغم أن مزايا هذه الاتفاقية قد أفرغتها السلطات الفرنسية من محتواها منذ سنوات طويلة، من خلال فرض التأشيرة على الجزائريين والتضييق على إجراءات لم الشمل العائلي وأيضا منح تأشيرات الدخول وغيرها من إجراءات التضييق.
وتحدثت الوثيقة عن وجود 887 ألف و100 جزائري مقيم في فرنسا في عام 2021 بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصائيات والدراسات الاقتصادية، ما يمثل 12 بالمائة من الجنسيات الأجنبية المقيمة على التراب الفرنسي.
لكن بيانات فرنسية أخرى تدحض زعم الموقعين على المقترح ومن يدور في فلكهم، وتتعلق بأعداد المجنسين سنويا وأيضا المستفيدين من إجراءات لم الشمل العائلي وحتى تراخيص الإقامة والعمل، والتي تصب منذ سنوات في صالح الرعايا القادمين من المغرب، أي أن الهجرة الجماعية الحقيقية التي يتحدث عنها سيناتورات فرنسا، صارت قادمة من المغرب وليس من الجزائر، لكن دون أن يثير ذلك أي ردة فعل من قبل السياسيين الفرنسيين وخصوصا اليمين واليمين المتطرف.
واستنادا إلى الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية، فإن تصاريح الإقامة التي حصل عليها الجزائريون سنة 2021 لم تتجاوز الـ 25 ألف حالة، مقابل 35 ألف تصريح إقامة لرعايا مغربيين، وهذا دليل لا يرقى إليه شك في أن السلطات الفرنسية أفرغت اتفاقية 1968 من كل الامتيازات التي يشاع أن الجزائريين يستفيدون منها.
الشروق