منذ ثورة الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011 التي أشعل شرارتها بائع خضراوات في تونس بعد إضرامه النار في نفسه، وهو الشاب محمد البوعزيزي، أقدم كثير من الشباب في هذا البلد الذي يرزح تحت وطأة مشكلات سياسية واقتصادية على حرق أنفسهم، تعبيراً عن احتجاجهم على البطالة والفقر أو ما يقولون إنها مظالم.
في مايو (أيار) الماضي أقدم نزار العيساوي، وهو لاعب كرة قدم، على إضرام النار في نفسه، مما أدى إلى وفاته، وذلك بعد خلاف نشب بينه وبين بائع بسبب سعر الموز، حيث سعرته السلطات في تلك الفترة بخمسة دنانير (نحو دولارين)، قبل أن تتطور الحادثة ويتم اتهامه بالإرهاب، بحسب عائلته.
وفي بلدة حفوز بولاية القيروان، وسط تونس، لا يزال أهالي العيساوي ينتظرون بعد شهرين على الحادثة استكمال التحقيقات ومعرفة الأسباب الكامنة خلف إقدام ابنهم على التضحية بحياته على رغم تيقنهم من أن “الظلم” هو الذي أوصله إلى ذلك.
ويهدد الأهالي بتحريك الشارع للتعبير عن الغضب تجاه عدم استكمال التحقيقات التي باشرتها السلطات في شأن حادثة وفاة ابنهم. وفي أبريل (نيسان) الماضي شهدت جنازة العيساوي حضوراً مهيباً من السكان قبل اشتباكات عنيفة مع الشرطة.
حق نزار
الـ17 من ديسمبر (كانون الأول) 2011 تاريخ حفظه معظم التونسيين، إذ أضحى رمزاً لمحمد البوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه قبل أن توافيه المنية في أحد مستشفيات العاصمة في حادثة فجرت أحداث ثورة الـ14 من يناير 2011 التي وضعت حداً لحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاماً قضاها رئيساً للبلاد.
بعد كل هذه السنوات، لا يزال كثير من الشباب يقدمون على حرق أنفسهم للفت الأنظار إليهم وتعبيراً عن المأساة التي يعيشونها، لكن في أحيان كثيرة تنتهي هذه العمليات بوفاة المعني بالأمر تاركاً وراءه أسئلة حول الدوافع التي قد تجعل أحداً يضحي بنفسه، وأيضاً عن النخبة السياسية التي حكمت البلاد، والتي تبدو عاجزة عن الاستجابة لمطالب التونسيين، وتدفعهم إلى اليأس.
يقول ياسين العيساوي، شقيق نزار، “نشعر بالظلم، ولن نتنازل عن حق شقيقي، سنتحرك، وإن لزم الأمر سنطلب اللجوء ونغادر البلاد لأنه حتى التحقيق الذي فتح في ملابسات وفاة نزار لم يتم بعد نشر نتائجه، وكذلك نتائج تقرير الطب الشرعي، وهذا أمر مريب”.
وتابع ياسين في حديثه إلى “اندبندنت عربية” أن “نزار دخل في شجار مع بائع للخضراوات والغلال حول سعر الموز، لأن السلطات سعرته بخمسة دنانير في تلك الفترة، إثر ذلك توجها معاً إلى مركز الأمن لتقديم شكوى فتمت تبرئة البائع، وفجأة وجد شقيقي المرحوم نفسه متهماً في قضية إرهابية”.