زيارة تبون إلى الصين هي الزيارة الأولى لرئيس جزائري لبكين منذ عام 2008، وهي تأتي في إطار العمل على تطوير الاتفاقية الموقّعة بينهما عام 2014، وتحديثها، وفي ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية.
المسيّرة واستقدام التكنولوجيا العسكرية الصينية إلى الجزائر، من أجل تعزيز قدراتها الدفاعية المحلية، والتصنيع العسكري، بالتعاون مع الصين.
وفي ظل الانفتاح الطاقوي على الصين، قامت شركة النفط والغاز الحكومية، سوناطراك، بتوقيع عقد مع شركة ” وانهو كيميكال” الصينية في أيار/مايو 2023 لتصدير الغاز المسال إلى الصين من اجل تعزيز أمنها الاقتصادي. الانخراط الآمن في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الاتفاق مع شركة “سينوبك” الصينية، لمدة خمسة وعشرين عاماً، لإنتاج مشترك للنفط بقيمة 490 مليون دولار، للتنقيب عن النفط في مناطق محددة في الجزائر، أمر يعطي الجزائر الثقة بقدراتها الاقتصادية.
المصلحة الصينية تعزيز التعاون
عززت الصين وجودها في المغرب العربي والساحل والصحراء، عقب خطط سحب القوات الأجنبية المشاركة في عمليات حفظ السلام في الساحل والصحراء، الأمر الذي يتيح لها إعادة مراجعة لخطة عملها في أفريقيا والاعتماد على منهج جديد لأمن أفريقيا، سواء عبر الوجود عسكرياً، أو عبر شركات الأمن الخاصة لتأمين خططها الاستثمارية في هذه الدول، على نحو يمكّنها من أن تشكل تحالفاً أفريقياً صينياً يدعم مصالحها الاستراتيجية، بحيث يشكل الفراغ فرصة في إعادة تموضع الصين عسكرياً من اجل تعاظم نفوذها أفريقياً.
وهذا يتطلب من الجزائر توسيع تعاونها العسكري والتنسيق مع الصين للحصول على التكنولوجيا لمواجهة المخاطر الأمنية المحتملة على خط التماس مع منطقة الساحل والصحراء، وموازنة التحركات المغربية الإسرائيلية في هذا النطاق.
مخرجات زيارة موسكو
تعيد الحرب الروسية الأوكرانية ترتيب وضع القوى العالمية (عسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً). فالعلاقات الجزائرية الغربية تشهد أزمات وتناقضات، سواء حيال قضية الصحراء الغربية أو على صعيد الحرب الروسية الأوكرانية. فالموقف الجزائري غير محابٍ للغرب، بل تأخذ منه الجزائر مسافة. وجاءت صفقة التسليح مع روسيا لتعمق العلاقة بموسكو، وهي علاقة تاريخية تعود إلى 60 عاماً. وكانت زيارة تبون لموسكو جاءت لتأكيد استقلال سياسة الجزائر الخارجية والبحث عن شراكات جديدة تضاف إلى التعاون العسكري المستمرّ بين البلدين، بحيث أكد تبون أن الجزائر شريك أساسي لروسيا في العالم العربي وأفريقيا، ووقع “إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين”.
تُعَدّ الجزائر ثالث مستورد للسلاح الروسي بعد الهند والصين، بينما تُعَدّ موسكو أول ممول للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق 50 في المئة. وأدّت سياسة الجزائر تجاه موسكو إلى مناداة الكونغرس الأميركي بتطبيق قانون “معاداة أميركا” على الجزائر، ومطالبة نحو 17 نائباً من البرلمان الأوروبي بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، في ظل الصراع الذي يأخذ طابعاً عدائياً يؤدي إلى نشوء محاور.
تسعى الدبلوماسية الجزائرية لتعزيز حضورها الدولي، وتستهدف بصورة كبيرة فتح شراكات متعددة، مع روسيا والصين، مستندة في ذلك إلى توظيف ورقة الطاقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انحسار الشراكات الاقتصادية الأوروبية والأميركية مع الجزائر، ويعزّز حضورها شرقاً.
بقلم: هدى رزق
الميادين