لا يحجب تعدد الأسماء النسائية في مجال الإعلام الرياضي من الإقرار بضعف حضور المرأة فيه. ورغم أن المجال عرف أسماء مثل رشا البرغوثي وهناء حمزة وليلى سماتي وليلى فرحات ودنيا حجاب ومروى وشير ورجاء السعداني، إلا أنه مازال يتسع ـ على المستوى العربي ـ لنساء يحملن المصدح ويجبن الملاعب ويتابعن الأخبار الرياضية.
وكشفت نتائج مشروع رصد وسائل الإعلام في تونس لسنة 2013، ضعف حضور المرأة بشكل خاص في تقديم البرامج حيث لا تتجاوز نسبة حضورها، صحافية كانت أو ضيفة 22 في المئة.
ولا يعود ضعف الحضور لغياب الكفاءة لدى العنصر النسائي بقدر ما يرتبط بعوامل اجتماعية وفكرية تعكس ثقافة المجتمع ونظرته للمرأة والتي تحصرها في أدوار معيّنة كالأنشطة الاجتماعية والاهتمامات المنزلية.
كما أن عدة اعتبارات أخرى تصعب على المرأة أن تكون إعلامية رياضية وأهمها طبيعة العمل التي تتطلب التحوّل إلى الملاعب وهي أماكن تكون نسبة حضور الرجال فيها أكثر من النساء خاصة بالنسبة إلى الرياضات الشعبية على غرار كرة القدم وكرة اليد.
وقالت بسمة الغريبي صحافية تونسية تنشط في المجال الرياضي “في الملاعب، وخاصة ملاعب كرة القدم، يمكن أن تتعرض المرأة للتحرش الجنسي والمضايقات”.
وأضافت أن “الملعب هو المتنفس الأساسي للجمهور لتفريغ شحنات الغضب، حيث نجد بعض الأغاني تحتوي على عبارات نابية ومنافية للأخلاق، وسب وشتم، ما يجعل المرأة تبتعد عادة عن مثل هذه الأماكن”.
وأشارت إلى أن النساء عموما في تونس ليست لهن دراية كبيرة بقوانين اللعبة، في حين يجب أن يعرف الصحافي الرياضي كل التفاصيل الدقيقة عن مهنته وعن اللعبة.
وتعتبر الإعلامية مروى وشير من التونسيات المتفوقات اللاتي يعملن في المجال الرياضي ويتمتعن بحضور وتجربة غنية أكسبتهن الشهرة وثقة المتابعين.
وقالت إن هذا المجال كان في وقت ما حكرًا على الرجال ولأنها امرأة تعشق التحدي، قررت أن تكون واحدة من السيدات اللاتي يسعين لكسر تلك القاعدة ويثبتن أنّ المرأة قادرة على فرض نفسها في هذا القطاع بل والتفوق على الرجل.
وأكدت أن وجود المرأة في وسائل الإعلام الرياضية بات كالملح في الطعام، وضرورة لا بد منها لجعل هذا القطاع أكثر حيوية بل يمكن اعتبار وجودها إفادة للرجل حين يجد نفسه أمام منافسة شرسة معها، وهو ما حدث معها شخصيًا حين كان زملاؤها في البداية يرفضون فكرة أن تتواجد امرأة معهم في الملاعب وفي أستديوهات التحليل فكان ذلك دافعًا أقوى لها ولهم لتقديم الأفضل.
وأشارت إلى العقلية التي تقيّد النساء في مجالات معينة ورفض الرجال لفكرة أنهن قادرات على مزاحمتهم في هذا المجال واعتبرت نفسها محظوظة مقارنة بغيرها من الإعلاميات الرياضيات، كونها نشأت في كنف عائلة رياضية وبلد متحرر كتونس يسمح للمرأة بالتواجد في أي مجال تختاره بل وحمايتها ودعمها على المضي قدمًا. وقالت “لأننا نشأنا في بيئة محافظة ولأنّ الرجال ظلوا لفترة طويلة يحتكرون هذا المجال فكان من الصعب تقبل فكرة مشاركة المرأة لهم ورفض أهلها لذلك وهو ما جعل أغلب الفتيات يخترن مجالات أخرى خوفًا من المجازفة ونظرة المجتمع لهن، لكن كل هذا تغير اليوم وأصبحت المرأة متواجدة بقوة في أغلب المحطات الإعلامية الرياضية، نجدها مقدمة برامج، محللة فنية، معلقة، مراسلة من الملاعب والقاعات الرياضية، والأمثلة عديدة”.
وأضافت، أنه وعلى الرغم من أن الإعلام الرياضي التونسي لازال يولي اهتمامًا أكبر بالذكور وخاصة في مجال كرة القدم، إلا أنّ الرياضة النسائية التونسية باتت تفرض نفسها بقوة في أكبر المنابر الرياضية التونسية بعد أن حققت بطلاتها ألقابا شرفت تونس والعالم العربي.
وفي دورة متخصصة عقدت في عمان بمشاركة 13 دولة عربية طالبت صحافيات عربيات من دول عدة بينها الكويت بضرورة إفساح المجال أمام الصحافية العربية لتعزيز دورها ومشاركتها في الإعلام الرياضي.
وقالت الصحافية الكويتية أنفال القناعي لوكالة الأنباء الكويتية إن “المرأة الكويتية دخلت مجال العمل الصحافي منذ فترة طويلة ولكن بأعداد محدودة إلا أن هذا الحضور بدا يتعزز وبدأت مشاركتها تتوسع وأثبتت وجودها بقوة”.
وأضافت القناعي أن أهم المعوقات التي تواجه الصحافية العربية في مجال الإعلام الرياضي هي “عدم القبول الاجتماعي لدخول المرأة الوسط الذكوري”، مؤكدة أنه سيتم تجاوز المعوقات بدعم الجهد النسوي وبإرادة ومثابرة الصحافيات أنفسهن.
أما السودانية سمية طه فقالت لـ”كونا”، “أرجو أن تشكل الدورة ومن خلال توصياتها صرخة ترفع الظلم عن الصحافية العربية التي حققت نجاحا منقطع النظير سواء في مجال الإعلام الرياضي أو الألعاب المختلفة”.
وأضافت أن ما ترجوه أن تكون الدورة أيضا صرخة للاتحاد العربي للصحافة الرياضية ليقدم المزيد من العناية “لهذا المخلوق المسمى المرأة العربية التي لو فتح المجال أمامها لحققت المستحيل”، مشيرة إلى أن حوالي 15 صحافية سودانية يعملن في حقل الصحافة الرياضية بما فيها كرة القدم.
وأكدت الصحافية الأردنية رزان العلي أنها “فوجئت بالحضور القوي للصحافيات المتخصصات في الصحافة الرياضية فلم يكن لديها فكرة عن وجود مثل هذا العدد”، مشيرة إلى أهمية دعم هذا التوجه وتهيئة الأجواء المناسبة لتعزيز هذه المشاركة.
ويفتقر قطاع غزة إلى أدنى تمثيل نسائي في الإعلام الرياضي. وعزا رئيس رابطة الصحافيين الرياضيين حسين عليان أسباب عزوف الفتيات عن العمل في حقل الإعلام الرياضي إلى أربعة أسباب منها “ابتعاد المرأة الفلسطينية أساسا عن ممارسة الرياضة” وهو ما يقلص من معرفتها الكافية بالإعلام الرياضي وأهميته. كما تساهم “العادات والتقاليد في عدم نزول المرأة إلى الملاعب بسبب رفض الكثير من أبناء المجتمع لذلك”. أما السبب الثالث فيتجلى في “ضعف الثقافة الرياضية داخل المجتمع الفلسطيني خاصة في غزة وبالتالي فى تقليص عدد العاملات في الإعلام الرياضي”. يضاف إلى ذلك “غياب ثقافة الاهتمام بدور المرأة مما يؤدي إلى إضعاف دور الفتاة الفلسطينية في الإعلام الرياضي”.
ويرى الكثيرون أن الصحافيات في غزة تفوقن حقا فى وسائط إعلامية مختلفة أكثر صعوبة من مجال الرياضة. ومع عدم الحاجة المُلحة لنزولها إلى الملاعب فلن تستطيع المرأة الفلسطينية تبوء مكانة مرموقة في الإعلام الرياضي. ومن هذا المنطلق فإن بعض المواقع والشبكات الإعلامية والصحافية في غزة عملت جاهدة خلال الأشهر الماضية على عقد دورات محليه للإعلام الرياضي النسوي ولتحفيز المرأة على الدخول في هذا المجال.
وذكرت الجزائرية ليلى السماتي أن الاتحاد الرياضي يحتاج إلى دعم المرأة بشكل كاف كونه يخضع إلى عادات وتقاليد اجتماعية. ووفق تجربتها فإن مسار الرياضة النسائية صعب سواء كان للمرأة الرياضية أو للمذيعة الرياضية.
ولفتت السماتي إلى أن الدور التوعوي يبدأ من البيت من خلال توعية الأفراد بأهمية انخراط المرأة في العمل الرياضي.
وعن دخول النساء في المجال الرياضي تحدثت عن تجربة الرياضة النسائية في الجزائر ونوهت إلى أن الاتحاد العربي يحتاج إلى العمل بشكل حقيقي لتحقيق النتائج على أرض الواقع من خلال المتابعة التي يجب أن تتبناها الجهات المعنية من خلال التخطيط الصحيح بالإضافة إلى وضع الأهداف المنشودة لتكوين الإعلاميات الرياضيات.
وأكدت أن المرأة عليها أن تدرس وتتدرب على جميع المجالات حتى تحقق ما تصبو إليه مطالبة الاتحاد العربي للرياضة بدعم الرياضة النسائية والمرأة الإعلامية من خلال إيجاد الحلول المناسبة عن طريق الدعم المادي والمعنوي وإقناع الرعاة للرياضة بكافة أنواعها بتبني المرأة.
كما تطرقت إلى التحديات التي تواجه المرأة في المجال الإعلامي والتي تتمثل في تعدد الثقافات ونظرة الآخرين لها بالإضافة إلى الغيرة التي يتمتع بها الطرفان المرأة والرجل والتنافسية في المجال الإعلامي بينهما. وأكدت أن المرأة تطمح للأفضل، حيث إن المرأة تتمع بعدة مناصب مهمة حاليًا في الرياضة بشكل عام ولها نفوذ كبير في المنافسات الدولية، كما يوجد تطور ملحوظ في الثقافة الرياضية النسوية.
ويحتل الإعلام الرياضي في مختلف دول العالم مساحة لا يستهان بها في الفضاء الإعلامي بمختلف أنواعه نظرا لاهتمام الملايين بالرياضة. وتتمثل إشكالية الإعلام الرياضي في عدة قضايا مهمة تتعلق بالرياضة بالدرجة الأولى وإدارتها. وأصبحت الرياضة اليوم صناعة تقوم على المنهجية والعلوم واستراتيجيات التسويق والإدارة والرعاية والإعلان. كما أصبحت الرياضة كذلك تجارة تدر أرباحا كبيرة على أصحاب الأندية والمستثمرين فيها.
وتواجه الصحافة الرياضية تحديات ورهانات كبيرة حيث أنه يجب أن تعكس هموم وشجون وقضايا الرياضة بكل مهنية وحرفية وموضوعية والتزام من أجل المساهمة في تطويرها ونشر الثقافة الرياضية والوعي الرياضي في المجتمع وكذلك المساهمة في تطوير الأداء الرياضي نفسه وفي تطوير إدارة الرياضة.
مصر اليوم