دانت الأمم المتحدة “تفاقم القمع” ضد معارضين في تونس، وذلك إثر حملة اعتقالات طالت سياسيين وقضاة. ومحامون يطالبون القضاء بتوضيح خليفات هذه الاعتقالات، التي تقول وسائل إعلام إنها تتعلق بتهم “التآمر على أمن الدولة”.
أعرب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك الثلاثاء (14 فبراير/شباط 2023) عن “قلقه من تفاقم القمع ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون ومنتمون إلى المجتمع المدني في تونس ، ولا سيما من خلال الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواصلة لتقويض استقلالية القضاء”، وذلك وفق إيجاز صحافي في جنيف للمتحدث باسمه جيريمي لوران. وأضاف المتحدث “منذ السبت، تم اعتقال تسعة أشخاص على الأقل، بينهم مسؤولون سابقون، واحتجز بعضهم بتهم تتعلق بالأمن أو بالفساد”.
وأوضح لورانس أن “مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لاحظ أيضًا أن المدعي العام قد بدأ بشكل متزايد إجراء ملاحقات ضد المعارضين ، متهمًا إياهم بالتآمر ضد أمن الدولة، وإهانة رئيس الدولة أو انتهاك مرسوم القانون المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية”.
وأضاف “نشعر بالقلق كذلك من أن بعض المعتقلين قد حوكموا أمام محاكم عسكرية بسبب انتقادهم الحكومة. وندعو السلطات إلى الوقف الفوري لمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية”.
وتدعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى احترام معايير الإجراءات القانونية المحاكمة العادلة و”الإفراج الفوري” عن جميع المعتقلين تعسفياً، بمن فيهم أي شخص محتجز على خلفية ممارسته لحريته في الرأي أو التعبير”.
وشنت الأجهزة الأمنية التونسية مداهمات نهاية الأسبوع الفائت تم خلالها اعتقال نشطاء سياسيين وقضاة سابقين ورجل أعمال نافذ. كما تم توقيف ليل الاثنين الثلاثاء كل من القيادي ب حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية نور الدين البحيري والمدير العام للمحطة الإذاعية الخاصة “موزاييك اف ام”.
محامون يطالبون بتوضيح أسباب الاعتقالات
ولم تتضح بعد طبيعة الاتهامات الموجهة للموقوفين ولم تعلق الرئاسة عليها بعد، لكن وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن التهم اللاحقة بالموقوفين تتعلق ب “التآمر على أمن الدولة” وهي جريمة يمكن أن تصل عقوبتها حد الإعدام.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس التونسيقيس سعيد خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها “من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن”.
وفي هذا السياق طالب محامون في تونس من السلطات القضائية، اليوم الثلاثاء، بتقديم توضيحات بشأن حملة الإيقافات التي طالت سياسيين من المعارضة.
وقال المحامي سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين نور الدين البحيري وعبد الحميد الجلاصي وخيام التركي، لراديو “جوهرة اف ام” اليوم، إن كل ما يروج بخصوص سبب الإيقافات مجرد “تسريبات لا غير” وأنه لابد من “تقديم توضيحات من مصادر قضائية مطلعة على الملفات دون الكشف عن سرية الأبحاث”.
ورأى المحامي والوزير السابق غازي الشواشي أن ما تقوم به السلطة وعلى رأسها سعيّد قرارات “اعتباطية” و”عبث دائم”. وكتب الشواشي على صفحته الرسمية عبر فيسبوك أن ملفات لإدانة الموقوفين “خاوية” والهدف من ورائها “إلهاء الرأي العام و ترهيب وتخويف المعارضين”. ويرى أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحنّاشي “الكثير من الغموض “الذي يلف حملة الاعتقالات. يرجح في تصريح لوكالة فرانس برس أن تكون “هناك اجتماعات بين المعارضين للرئيس ويبدو أن هناك محاولة للتخطيط لعزل رئيس الجمهورية”. ويؤكد “أصبح للرئيس هاجس أمني والمشهد السياسي يزداد ضبابية”.
وتتهم المعارضة سعيّد بإرساء نظام استبدادي يقمع الحريّات ويهدد الديموقراطية في تونس .
(أ ف ب، د ب أ)