لا تزال المعركة بين السلطة القضائية في تونس ورئاسة الجمهورية على أشدّها، ورغم دخول سلك القضاء في البلاد رسميًا العطلة القضائية الصيفية، الا أن عددًا من القضاة لا يزالوا يواصلون إضرابهم عن الطعام، وذلك رفضًا للأمر الرئاسي الذي أصدره الرئيس قيس سعيد ويتضمن إعفاء 57 قاضيًا من مهامهم بتهم بينها “تعطيل تحقيقات” في ملفات إرهاب وارتكاب “فساد مالي وأخلاقي”، وهي اتهامات ينفيها القضاة.
وبدأ معظم القضاة إضرابًا مفتوحًا عن العمل تشرف عليه “تنسيقية الهياكل القضائية” وهي تضم جمعيات ونقابات للقضاة.
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة: “إن القضاء في مسودة مشروع الدستور الجديد “لن يكون مستقلًا مطلقًا، وسيكون تابعًا للسلطة التنفيذية ويأتمر في أحكامه ومقرراته لأوامرها”.
وتابع القول “لا بد من الانتباه إلى خطورة ما ورد في مشروع الدستور على النظام الديمقراطي وعلى دولة القانون وعلى الحقوق والحريات”.
واعتبر أن كلمة “القضاء الوظيفة” المنصوص عليها في مشروع الدستور مدروسة ووضعت لأسباب واضحة، لأن السلطة محكومة بالاستقلالية والوظيفة تكون تابعة، وقال: “إن التدخل في القضاء أصبح متاحًا في مسودة الدستور الجديد، نظرًا لعدم وجود فصل يمنع ذلك على عكس ما جاء في دستور 2014 الذي يمنع التدخل في السلطة القضائية”.
ويثير مشروع الدستور الذي سيعرض على استفتاء شعبي يوم 25 تموز/يوليو القادم المخاوف من استقلالية القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، وذلك رغم أن الرئيس سعيد شدّد في أكثر من مناسبة، على استقلال السلطة القضائية وعدم المساس بالحقوق والحريات.
المفاوضات مع صندوق النقد
وتزامنت هذه المعركة القضائية مع وضع اقتصادي صعب تحاول الحكومة الخروج منه من خلال اللجوء الى قرض جديد مع صندوق النقد الدولي.
وفي هذا السياق، أعلن صندوق النقد الدولي أنّ بعثة من خبرائه اختتمت زيارة إلى تونس في إطار مفاوضات تجريها المؤسسة المالية الدولية مع البلد المأزوم لمنحه برنامج مساعدات، مشيرًا إلى أنّ المحادثات بين الجانبين حقّقت “تقدمًا جيّدًا”.
وقال الصندوق في بيان “حقّقت السلطات التونسية وخبراء صندوق النقد الدولي تقدّمًا جيّدًا في تحديد المعالم الرئيسية لسياسات وإصلاحات السلطات التي يمكن أن يدعمها برنامج مع صندوق النقد الدولي”، وأضاف أنّ “المناقشات ستستمرّ على مدار الأسابيع المقبلة”.
ورحّب الصندوق في بيانه بمواصلة السلطات التونسية “التقدّم في جدول أعمالها للإصلاح الاقتصادي من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلّي، ودعم النمو الاحتوائي، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وكذلك العدالة الضريبية”.
تجميد أرصدة
وقد أعلنت السلطات أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي.
وكان رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي قد مثل أمس أمام قاضي التحقيق في العاصمة تونس في قضية يتّهم فيها بتبييض أموال.
وانتشرت تعزيزات أمنية كبيرة أمام مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وتظاهر حوالى مئتي شخص من قيادات الحزب.
وكالات