وحظي مشروع القانون المذكور مساء أمس الثلاثاء بموافقة 141 نائباً ورفض 15 آخرين، مقابل احتفاظ 10 نواب بأصواتهم.
وكان مجلس نواب الشعب صادق يوم 25 مارس/آذار الماضي على جملة من التعديلات على قانون المحكمة الدستورية، منها بالخصوص النزول بالأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضاء المحكمة من قبل المجلس إلى ثلاثة أخماس (131 صوتاً) وحذف عبارة “تباعاً” من الفصل 10 من القانون، بما يتيح لرئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء تعيين حصتيهما من أعضاء المحكمة الدستورية (أربعة أعضاء لكل منهما) دون انتظار استكمال انتخاب البرلمان لثلاثة أعضاء متبقين من بين أربعة، بالإضافة إلى إلغاء تقديم ترشحات الأعضاء من قبل الكتل النيابية.
وتعليقاً على هذا التصويت دستورياً وسياسياً، قال أستاذ القانون الدستوري، رابح الخرايفي، في تصريح لـموقع “العربي الجديد” إن الرئيس لم تعد أمامه خيارات كثيرة بعد المصادقة على القانون في قراءة ثانية، ويتمثل الخيار الأول في ختم القانون ونشره ليصبح قانوناً نافذاً للدولة.
أما الخيار الثاني فيتمثل في ممارسة حقه في الطعن أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وهي فرضية مستبعدة لأن الرئيس سعيد سبق وأن طعن في رئيس الهيئة نفسه، ولكن يمكن لثلاثين نائباً الطعن في القانون أمام الهيئة، وإذا أقرت الهيئة بعدم دستورية بعض التفاصيل فيمكن رده من جديد للبرلمان، ويتم ذلك في غضون أربعة أيام فقط.
ولكن هناك آلية أخرى منحها سعيد لنفسه وهي حق الرقابة والاعتراض على البرلمان، وهو نوع من الفيتو الواقعي أو ما نسميه بالتصرف طبق الواقع، استناداً إلى الفصل 72 من الدستور، الذي يمنحه هذا الحق بحسب تأويله الشخصي، وهو تأويل رسمي للدستور مارسه سعيد، وليس تأويلاً قضائيا أو فقهياً (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور)، والرئيس سعيد يرى في هذه التنقيحات خروجاً عن الدستور.
وأضاف الخرايفي أن تصويت أمس كان تصويتاً سياسياً وليس دستورياً، لأن الأغلبية البرلمانية كانت تعلم مسبقاً أن الرئيس لن يختم القانون ولن ينشره، ولكنها أصرت على التصويت في قراءة ثانية لتظهر سعيد أمام الرأي العام كمعطل للمحكمة الدستورية، وأعتقد أن هذا التصويت وضع البرلمان ورئيسه في مواجهة مباشرة مع الرئيس سعيد بعدما كانت تتم عبر رئيس الحكومة هشام المشيشي.
واعتبر النائب محمد القوماني في كلمته خلال الجلسة العامة “أن مصلحة البلاد في إرساء المحكمة الدستورية، وهذا لا يستهدف أي طرف، والتعديلات المدخلة على القانون تهدف إلى إصلاح خطأ البرلمان سابقاً وتسهيل إرساء المحكمة”.
وشدد على أنه “لا مؤشر على محاولة تقويض الدولة أكبر من أن يصير أعلى رأس في الدولة معطّلا للدولة”، ومضيفاً أن “رئيس الجمهورية رافض للمحكمة الدستورية في جوهرها وأصلها، وهو يستفيد من غيابها ليضيف إلى تعطيله دواليب الدولة محاولة تقويض النظام السياسي”.
وبعد جلسة التصويت دوّن النائب عبد اللطيف العلوي على صفحته على “فيسبوك”: “يسألني الكثيرون ماذا باستطاعتكم أن تفعلوا للرّئيس إذا رفض إمضاء القانون من جديد؟ والجواب: لا شيء، ولا نحتاج لأن نفعل له أيّ شيء، لأنّه هو من سيفعل بنفسه كلّ شيء، وسيثبت مرّة أخرى، لكلّ العالم، وبوضوح أشدّ ولا يقبل التّأويل هذه المرّة، أنّه خارج عن القانون وخارق للدّستور خرقاً جسيماً، وأنّه فقد أهمّ واجب يكتسب منه شرعيّته، حماية الدّستور”.
وأشار العلوي إلى أن الرئيس سعيد “سيحرج أكثر من تبقّى من مؤيّديه، وكلّما ازدادت عزلته السّياسيّة، ازدادت عمليّات القفز من مركبه المثقوب، وستدفعه العزلة إلى مزيد من الأخطاء”.