في تونس.. “المغادرة بصورة غير نظامية باتت مشروعاً جماعياً مفترضاً”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إنه في هذا البلد، غير المستقر سياسيًا، والذي يعاني تدهور الوضع الاقتصادي وضعف الآفاق، أصبحت الهجرة غير النظامية أمراً طبيعياً وتؤثر على جميع الأوساط وجميع الفئات العمرية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الظاهرة نمت في الأشهر الأخيرة في تونس. حيث وصل 13700 مهاجر تونسي منذ بداية العام إلى الساحل الإيطالي، وهو رقم ارتفع بنسبة % 18 خلال عام واحد، كما أوضح، في منتصف سبتمبر، منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES)، وهو منظمة غير حكومية تونسية، مشيراً إلى منع البحرية الوطنية رحيل نحو 23 ألف شخص كانوا ينوون مغادرة البلاد.
وتنقل “لوموند” عن باحث تونسي تأكيده أن البطالة لم تعد السبب الوحيد لرحيل الشباب، حيث إن تدهور الوضع الاقتصادي، وغياب أي أفق مستقبلي، وعدم الاستقرار السياسي للبلاد، دفع هؤلاء التونسيين، جميع الطبقات الاجتماعية والمهنية مجتمعة، إلى الفرار، بمن فيهم أشخاص لديهم وظائف، ونساء، وحتى أسر لديها أطفال.
وما زال الكثيرون، كما هو الحال في مدينة بوحجلة، يلجأون إلى شبكات التهريب معرّضين أنفسهم لعمليات الاحتيال ومخاطر القوارب. ففي بوحجلة الهجرة في بعض الأحيان مسألة حياة أو موت.
وتابعت “لوموند” التوضيح أن الركود الاقتصادي والاجتماعي هو أحد نقاط ضعف الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي تولى السلطة الكاملة منذ يوليو عام 2021. فالصدمة المزدوجة لوباء كوفيد، والحرب في أوكرانيا عرّضت الموارد المالية للبلاد للخطر وتتفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لمحاولة تجنب الإفلاس.
بالإضافة إلى الافتقار إلى الآفاق الاقتصادية، ما يزال الوضع السياسي مشوشًا أيضًا: من المقرر إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر المقبل على أساس قانون انتخابي مثير للجدل قدمه الرئيس، لكن العديد من الأحزاب السياسية أعلنت بالفعل نيتها مقاطعة الانتخابات، توضح “لوموند”.
في غضون ذلك- تتابع الصحيفة- كما هو الحال مع كل أزمة، تتصاعد حركات الهجرة، مع تفاقم فقدان الثقة أيضًا بسبب رحيل النخب. عندما يرى تونسي الأطباء والمهندسين يغادرون بشكل قانوني لسنوات وتتدهور البنية التحتية الأساسية، فإنه يفقد الثقة والأمل في تحسن الوضع.
بين عامي 2015 و 2020 ، غادر أكثر من 39 ألف مهندس ونحو 3 آلاف طبيب البلاد بشكل قانوني للعمل في الخارج، تشير “لوموند”.
القدس العربي