ترفض الجزائر إصدار تصاريح قنصلية تسمح بإعادة مواطنيها الذين يهاجرون إلى فرنسا بشكل غير نظامي، وإن قبلت فإنها لا تسلمها في الأغلب في الوقت المحدد، حسب مجلة لوبوان الفرنسية.
ولا يمكن لفرنسا إعادة هؤلاء المهاجرين الذين لا يحملون جوازات سفر خاصة بهم إلا إذ أصدرت لهم إحدى قنصليات بلدهم تصريحا يثبت انتماءهم إلى ذلك البلد.
ولاستيضاح سبب هذا الرفض أجرت المجلة مقابلة مع سفير فرنسي سابق لفت في بدايتها إلى أن قرار فرنسا الذي أصدرته في عام 2021 والقاضي بتخفيض عدد التأشيرات التي تمنح للجزائريين بنسبة 50% كان مفاجئا للغاية وتسبب في رد فعل قوي من طرف الحكومة الجزائرية.
وأوضح كزافييه درينكور أن الجزائر منعت على أثر هذا القرار تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية فوق أراضيها، كما استدعت سفيرها لمدة 3 أشهر، مشيرا إلى أن قضية التأشيرة الفرنسية للجزائريين أمر حساس للغاية.
وقال السفير -الذي خدم لفترتين في الجزائر (من 2008 إلى 2012 ثم من 2017 إلى 2020) وهو كذلك مؤلف كتاب “اللغز الجزائري”- إن للدبلوماسيين الجزائريين حججهم الخاصة بهذا الرفض.
وأضاف أن “هناك تفسيرا سمعته رسميا: هؤلاء الشباب بعد أن أمضوا عدة سنوات في فرنسا “يصبحون ملوثين” بحضارتنا الغربية، ونوعا ما “أخلاقنا السيئة”.
وأضاف أنه يتذكر جيدا اجتماعا في مقر وزارة الخارجية الفرنسية في عام 2018 ذكر فيه أحد أعضاء وفد جزائري في باريس هذا المبرر، ولم يكن ذلك على طريق المزاح.
وفي مارس/آذار 2020 -وهذه المرة في الجزائر العاصمة- يقول درينكور “قُدم لي شخصيا التفسير نفسه”، مشيرا إلى أن “الجزائريين كأنهم يقولون لنا “إن عليكم جزءا من المسؤولية، ولماذا تريدون منا أن نستعيد هؤلاء الرعايا غير الصالحين الذين سيصعب علينا إدارتهم بعد عودتهم للبلاد”.
وفي رده على سؤال عما إذا كانت الهجرة هي ثمن استعمار فرنسا الجزائر، أوضح درينكور أن هناك قرابة 5 ملايين جزائري أو فرنسي من أصل جزائري في فرنسا من أصل 43 مليونا هم كل سكان الجزائر.
وأضاف أن هذا هو الثمن الذي يجب دفعه، ليس للاستعمار، بل هو ثمن التاريخ، والذي حدده بالفترة التي تلت استقلال الجزائر عام 1962 والتي شهدت إقامة روابط وعلاقات استثنائية بين الشعبين.
وأشار السفير إلى أنه على المرء ألا ينسى أيضا الأطباء والمهندسين وعلماء الحاسوب الجزائريين أو الفرنسيين من أصل جزائري الذين يعملون على تطوير المستشفيات والشركات الفرنسية.
وبالتالي، يقول درينكور فإن المشكلة هي أولا وقبل كل شيء مشكلة الأشخاص الموجودين في وضع غير قانوني.
وعن موقف الجزائريين عموما من الفرنسيين، يقول السفير “باعتباري سفيرا في الجزائر لما يقارب 8 سنوات لم أستقبل أبدا بشكل غير لائق، بل على العكس من ذلك كنت أحس بأني محل تقدير وترحاب حيثما ذهبت بصفتي ممثلا رسميا لفرنسا وكشخص عادي، والواقع أن الجزائر هي البلد الوحيد الذي احتفظت فيه بالعديد من الأصدقاء الحقيقيين”، على حد تعبيره.