حلّ رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، اليوم الإثنين، في الجزائر، في زيارة “رسمية” مفاجئة تأتي في سياق تقارب لافت بين البلدين في الفترة الأخيرة، خاصة في مسائل التنسيق المتعلقة بالقارة الأفريقية.
وذكرت الحكومة الجزائرية، في بيان، أن الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، استقبل نظيره الإثيوبي، الذي يصل إلى الجزائر في زيارة رسمية تدوم يومين”، دون تقديم أجندة وتفاصيل الزيارة.
ولاحقا، استقبل الرئيس عبد المجيد تبون، آبي، بقصر المرادية. وذكرت الرئاسة الجزائرية، التي نشرت صور الاستقبال، أن اللقاء تم على انفراد بين الرئيس والضيف الإثيوبي.
وينتظر أن تكون الزيارة محطة للتحضير لانعقاد اللجنة المختلطة الخامسة بين البلدين في سبتمبر/أيلول القادم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والتي من المقرر أن تشمل مجالات الشراكة الاقتصادية وتنسيق المواقف والجهود فيما يخص قضايا الاتحاد الأفريقي.
وتعتبر هذه الزيارة الثانية لمسؤول إثيوبي رفيع إلى الجزائر في أقل من شهرين. وكانت الرئيسة الإثيوبية، ساهل وورك زودي، قد حلت بالجزائر تلبية لدعوة تبون، لحضور احتفالات الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز الماضي. وكشف الرئيسان، في مؤتمر صحافي مشترك، عن فتح خط جوي مباشر بين عاصمتي البلدين، كما أعلنا عن انعقاد اللجنة المختلطة الخامسة بين البلدين قريبا في العاصمة الإثيوبية.
ولا يمكن فصل توقيت الزيارة عن تجدد أزمة النهضة في ظل إعلان إثيوبيا اكتمال الملء الثالث للسد، وحديث مسؤولين إثيوبيين عن استعدادهم للتفاوض حول سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي. وكانت الجزائر في الأشهر الماضية، قد أبدت حماسا للعب دور في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى. وقام وزير الخارجية رمطان لعمامرة في سياق ذلك بجولات شملت البلدان الثلاثة.
وخلال زيارة الرئيس تبون للقاهرة كانون الثاني/يناير الماضي، تناول مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي قضية سد النهضة. وورد في الإعلان المشترك للزيارة أن البلدين “توافقا على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وبما يحقق مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بشكل عادل ومنصف”.
وقال توفيق بوقعدة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إنه من المرجح أن تكون الزيارة مرتبطة بمستجدات سد النهضة في ظل تجدد الخلاف بين البلدان المعنية بهذا السد. وأوضح، في تصريح لـ”القدس العربي”، أن الجزائر قد تسعى لتحريك ملف الوساطة الذي بقي جامدا منذ الإعلان عنه قبل أشهر، خاصة وأنها تمتلك علاقات جيدة مع إثيوبيا. واعتبر بوقعدة أن الزيارة ينتظر أن تشمل مواضيع التنسيق والتشاور بين الدولتين في قضايا القارة الأفريقية والدفاع عن مصالحها في الهيئات الدولية، وموضوع موقع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي تعارضه الجزائر بشدة.
وفي ظل السياقات المعقدة بالمنطقة، تحدثت بعض التحاليل عن وجود خلاف جزائري مصري في الفترة الأخيرة، تارة بمبرر استشعار مصر انحياز الجزائر للمبررات الإثيوبية في قضية سد النهضة، وتارة أخرى بحجة انزعاج مصر من مجموعة “جي 4″، التي تضم الجزائر وإثيوبيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا، والتي أعلن عنها على هامش قمة الاتحاد الأوربي والاتحاد الأفريقي ببروكسل. لكن الجزائر او مصر لم يصدر عنهما رسميا ما يدل على وجود أي خلاف، خاصة في ظل اقتراب موعد القمة العربية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، والتي تحرص الجزائر كما قال الرئيس تبون في تصريحاته على أن تكون جامعة للدول العربية.
القدس العربي