أدى وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، قبل أمس الأربعاء، زيارة إلى الجزائر، وهي الأرفع من نوعها منذ زيارة رئيسة الحكومة التونسية السابقة نجلاء بودن، في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في خطوة وصفها محللون بأنها تحمل “رسائل طمأنة” بشأن العلاقات بين البلدين.
وخلال زيارته إلى الجزائر، سلم الوزير التونسي رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من الرئيس التونسي قيس سعيّد.
ولم تكشف الرئاسة الجزائرية عن طبيعة ومضمون الرسالة التي حملها الوزير التونسي، إلا أن بعض المعلقين توقعوا أنها تأتي لبحث ملفات تتعلق بالهجرة، وربما لفهم خلفيات حملة سياسية وإعلامية جزائرية شُنت على تونس خلال الأسابيع الأخيرة، خاصةً أن محور هذه الحملة هو اتهام تونس بالاتجاه نحو التطبيع مع إسرائيل.
في هذا السياق، قال الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنّ “عمار أُرسل بطلب من قيس سعيّد، وهناك ربما محاولة لتوضيح الوضع بين تونس والجزائر، خاصة بعد الجدل الذي أُثير بعد تصريحات رئيس حركة البناء الديمقراطي عبد القادر بن قرينة، الذي قال فيها إنّ تونس على وشك التطبيع مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن البعض يستند إلى “زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى إسرائيل، ثم تعهده بأن تستثمر الإمارات في تونس في البنية التحتية وتحلية المياه وعدة مجالات”، على حد تعبيره.
وأوضح العبيدي أن “الجزائر تعتبر أن الوضع دقيق على مستوى الحدود الغربية في ظل الإشكاليات مع المغرب، والوضع في ليبيا غير مستقر، وبالتالي إذا حصل عدم استقرار في تونس فستصبح هناك عدة إشكاليات، خاصة وأن هناك مخاوف من عزل الجزائر”، مبيناً أن “الجزائريين قد يكونون أطلقوا صيحة فزع لفهم مدى صحة ما يتردد، وعلى هذا الأساس تحاول تونس فهم أسباب هذه الإشاعات”، موضحاً أن “قيس سعيّد أرسل وزير الخارجية التونسي نبيل عمار لطمأنة الجزائر” بهذا الخصوص.
وتابع الدبلوماسي التونسي السابق أن “تونس تربطها علاقات وطيدة بالجزائر على جميع المستويات، السياسي والاقتصادي والاجتماعي”، موضحاً أن “الجزائر دعمت تونس منذ عام 2011 وحتى الآن، ويمثل الجزائريون رقماً مهماً في السياحة الوافدة إلى تونس، وهناك تبادل مهم عبر الحدود”، وبالتالي فإن “هذا الأمر لا يدفع إلى تأزم العلاقات بل إلى تطويرها، وترى تونس أنها بحاجة لفهم بعض المسائل وتوضيح أخرى، وهو ما يفسر زيارة عمار إلى الجزائر، وربما قد يمهد هذا اللقاء إلى لقاء وشيك بين الرئيسين التونسي والجزائري، وقد يكون ذلك في قادم الأيام”.
ويرى المحلل السياسي التونسي قاسم الغربي، أن “هذه الزيارة تأتي في إطار البحث عن دعم جزائري للموقف التونسي في ملف الهجرة، وأيضاً في عدة ملفات أخرى”، مضيفاً في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “الأزمة في تونس متعدّدة الأوجه (سياسية واقتصادية ومالية)”، ومن هنا فإن ملف الزيارة “ليس ملفاً واحداً، بل هناك عدة ملفات أهمها مسألة الهجرة، فالمهاجرون يأتون من الحدود التونسية الجزائرية والعكس بالعكس”.
وحول علاقة ذلك بملف التطبيع، لفت إلى أنه “من المعروف حساسية الموقف الجزائري من هذا الموضوع، خاصة وأن الجارة الغربية للجزائر (المغرب) كانت قد اتجهت للتطبيع، وإذا اتجهت تونس لذلك سيكون هناك نوع من الحصار التطبيعي”، مؤكداً أن “تونس لن تقدم على خيار التطبيع لأنه أمر مستبعد وخيار انتحاري، فالمغرب ذهب لهذا الخيار بسبب ملف الصحراء، وبهدف حماية الموقف المغربي، كما أنه لم يحقق منه شيئاً”.
وأضاف الغربي أنه “لن يكون لتونس أي هدف من التطبيع، وستكون لذلك تداعيات وخيمة، فربما تحصل من وراء ذلك على دعم دولي نتيجة هذا الخيار، لكن ستكون لذلك نتائج وخيمة قد تؤدي لانهيار المنظومة السياسية التي رفعت السقف في البداية ورفضت التطبيع، لذلك لن تذهب السلطة التونسية في هذا الخيار”.
وكانت الرئاسة التونسية قد أعلنت، الليلة الماضية، أن الرئيس التونسي قيس سعيّد كلف وزير الخارجية نبيل عمار، بالقيام بزيارة إلى الجزائر كمبعوث خاص، وأرسل معه رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.
وفتح تقلص الزيارات الرسمية بين الجزائر وتونس، منذ تسعة أشهر، تساؤلات سياسية عما إذا كان هناك فتور في التواصل السياسي بين البلدين، على الرغم من تأكيدات مستمرة من قبل الرئيسين تبون وسعيّد بجودة العلاقات.
العربي الجديد