قال رئيس حزب الأمان التونسي، لزهر بالي، إن دستور الرئيس قيس سعيد يشكل “خطرا داهما” على البلاد، محذّرا من تكرار السيناريو العراقي أو السريلانكي في تونس.
وقال بالي في حوار خاص مع “القدس العربي”: “لم نقاطع الاستفتاء على الدستور الجديد بل صوتنا بـ”لا” ضده، لأننا نرى أن هذا الدستور الذي وضعه الرئيس سعيد يمثل خطرا داهما على البلاد، وهو يتضمن تراجعا عن الحقوق والحريات ويؤسس لدولة الرئيس، ولهذا رفعنا اللاءات الثلاث: لا لـ25 جويلية (تدابير الرئيس) ولا لمقاطعة الاستفتاء ولا لدستور سعيد، الذي رفضه حوالي 75 في المئة منة التونسيين”.
وأضاف: “الدستور الجديد سيتسبب بصراع وتعطيل كبير داخل البرلمان، وخاصة في ظل وجود غرفتين (مجلس نواب ومجلس أقاليم)، بمعنى أنه سيعاد سيناريو التعطيل في البرلمان السابق بشكل أكثر حدة”.
كما انتقد غياب فصل يجرّم التطبيع في الدستور الجديد، وخاصة أن “الرئيس قيس سعيد يردد دوما أن التطبيع خيانة، ونحن نرى اليوم جنودا تونسيين يجرون مناورات عسكرية في المغرب، جنبا إلى جنب مع الجنود الإسرائيليين”.
لكن بالي لم ينف وجود خلل أيضا في دستور 2014 فـ”هناك سلطة تشريعية يمثلها البرلمان وسلطة تنفيذية برأسين (رئيسا الجمهورية والحكومة)، ولكن رئيس الحكومة لم يكن سلطة تنفيذية بل كان ذراعا تنفيذيا للسلطة التشريعية، لأن البرلمان كان يغير كل شيء في الحكومة وكان معطلا لها، ولو كان البرلمان ينتخب حكومة تستمر لأربع سنوات لما واجهتنا أية مشكلات”.
واعتبر أن تونس تحتاج اليوم لحوار وطني شامل لا يقصي أحدا، ويمكّن من تجاوز الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، داعيا إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة حتى يتمكن الشعب من قول كلمته والتعبير عن رأيه فيما يحدث اليوم عبر صندوق الاقتراع.
ودعا اتحاد الشغل إلى المشاركة في الحوار المذكور لمناقشة المشاكل الحقيقة لتونس، و”لا بد أن يبذل جهوده لإقناع الرئيس بالتخلي عن التصعيد والتعنّت والقبول بالحوار، والاتحاد قادر على ذلك، بوزنه وحكمته وتاريخه وخاصة أنه شريك في معركة التحرير، وهو الملاذ الأخير عندما تنتهي المؤسسات في البلاد، كما أنه اتخذ موقفا وسط في الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، وهذا يُحسب له”.
وحول “مساندة” الجيش للرئيس قيس سعيد، قال بالي: “الجيش -كما قال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة- مكانه الثكنات وحماية الحدود في حال وقعت حرب، ولا يمكن أن يكون للجيش دور في الحياة السياسة”.
واستدرك بقوله: “هناك بعض الانتقادات حاليا لدور الجيش، ولكنني -شخصيا- أنزّه الجيش التونسي، وهو يبقى من الجيوش المحترمة، وإن كان ثمة تجاوزات فهي معزولة ولا يُقاس عليها”.
وأسس لزهر بالي قبل سنوات “الحركة الديمقراطية” مع أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني حاليا، لكنه -رغم ذلك- لم ينضم للجبهة.
وفسّر هذا الأمر بقوله: “نجيب الشابي صديق وكنّا معا في الحركة الديمقراطية، ولكن أنا لا يمكن أن أكون في صف واحد مع مسار ما قبل 25 تموز، لأن هؤلاء الناس هم من أوصلونا لما نحن فيه، وأنا لا يمكن أن أكون إلا في صف شرعية الصندوق”.
وأوضح أكثر بقوله: “الجبهة تتمحور أساسا حول النهضة، ونحن نعتبر أن النهضة تتحمل جزءا كبيرا مما وصلنا إليه عبر الديمقراطية المغشوشة، ولو لم ترتكب النهضة هذه الخطاء لما وصلنا لـ25 تموز/ يوليو”.
من جانب آخر، لم يستبعد بالي تكرار السيناريو العراق أو السريلانكي في تونس في ظل “مواصلة تعنّت الرئيس قيس سعيد والوزن المتعاظم لسلطة الشارع في البلاد”.
كما عبّر عن رفضه للتصريحات الأمريكية الأخيرة حول تونس، والتي اعتبرها: “تدخلا مرفوضا في الشؤون الداخلية للبلاد، وهو ينتقص من السيادة التونسية”.
واستدرك بقوله: “ولكن السيادة أصلا منقوصة في تونس، وهي تتحقق عندما يكون الشعب رأسه مرفوعا وليس متسولا ولا يفكر نصفه بركوب قوارب الموت ويقوم النصف الآخر ببيع الخبز على الطرق السيّارة”.
وأضاف: “لا يمكن الحديث عن سيادة في تونس وأجهزة المخابرات الأجنبية ترتع في البلاد ويتم استيراد النفايات الإيطالية ودفنها في الأراضي التونسية”.
القدس العربي