قبل ساعات قليلة من بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعهما في البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، نصبت الفصائل الفلسطينية، أمس الأول الاثنين، كمينًا لقوات الاحتلال، قُتل فيه خمسة جنود وأصيب 14 آخرين في انفجارات شمال قطاع غزة.
كانت الوحدة التي أُصيبت، من كتيبة “نتساح يهودا” التابعة للواء المشاة “كفير”، وأحاطتها الانفجارات قرب أنقاض مدينة خان يونس ” تذكير آخر بمدى تورط إسرائيل في حرب عبثية فقدت منذ زمن طويل أي مبرر لاستمرارها”، حسب تعبير صحيفة “هآرتس” العبرية.
تضيف “هآرتس”: “يُجري الجيش الإسرائيلي عملياتٍ متقطعةً في المدينة، التي أُجبرت الغالبية العظمى من سكانها على النزوح منها منذ بدء العملية البرية في غزة أواخر أكتوبر 2023. لم يعد أحدٌ في الجيش يتذكر عدد المرات التي دخلت فيها قواته خان يونس، وعدد المرات التي أعلن فيها الجيش غزو المدينة أو هزيمة كتيبة حماس فيها. ففي نهاية المطاف، تم استبدال معظم الضباط، من هيئة الأركان العامة إلى الكتائب الميدانية، منذ بدء الحرب”.
ورغم التصريحات المتناثرة من مسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل، والجهود التي يبذلها الوسطاء. لكن في الواقع لا يبدو أن نتنياهو يسعى لأكثر من بضعة أيام تتيح له استعادة بعض المحتجزين لتقوية موقفه أمام الرأي العام الإسرائيلي.
صفقة جزئية
لا يزال مصير ما يجري بين ترامب ونتنياهو مجهولاً. وفي صباح اليوم الأربعاء، يكون قد التقى ترامب ونتنياهو مرتين في وقت قصير. وصرّح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحفيين بأنه “لا يوجد اختلاف في وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية بشأن محادثات وقف إطلاق النار في غزة”.
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب “الذي لا يخجل إطلاقًا من أي مجاملة، سُرّ بإعلان نتنياهو ترشيحه لجائزة نوبل للسلام. ربما ينبغي لترامب أن يسأل نفسه: هل ترشيح نتنياهو يُعزز فرص فوزه أم يُضعفها؟ بينما استأنف نتنياهو الحديث عن “الهجرة الطوعية” لسكان غزة. وهو تعبير مُلطّف عن الطرد القسري العنيف المُخطط له لسكان القطاع الفلسطينيين”.
تضيف: “تظهر هذه الخطة برأسها القبيح مرة كل شهرين تقريبًا، لا سيما خلال زيارات نتنياهو لواشنطن. لكن يبدو أن ترامب، الذي أعرب عن دعمه للفكرة في فبراير، فقد اهتمامه بها منذ ذلك الحين. بينما قد لا يكون لانشغال رئيس الوزراء الإسرائيلي وجماعته بها علاقة باعتبارات استراتيجية أو حتى ائتلافية في محاولة الحفاظ على فصائل اليمين المتطرف في الحكومة، بل ربما يُقصد بها أن تكون عائقًا أمام التوصل إلى اتفاق إذا أبدت حماس مرونة في مفاوضات وقف إطلاق النار”.
في غضون ذلك، قال ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، قبيل زيارته إلى قطر، إنه نجح في حل ثلاث من نقاط الخلاف الأربع بين إسرائيل وحماس، وأنه يأمل أن تكون هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع.
لا اتفاق
تلفت “هآرتس” إلى أنه “بعيدًا عن الخلافات، فإن نتنياهو يسعى إلى اتفاق جزئي. فهو لا يبحث فقط عن سبل لاستئناف القتال بعد وقف إطلاق النار الذي دام 60 يومًا وعودة نصف المحتجزين الأحياء، بل يواصل الدفع بخطة تتضمن طرد سكان غزة، ودفع معظمهم إلى منطقة رفح الفلسطينية، المدينة التي دمرها الجيش الإسرائيلي بالكامل”.
وبينما يطالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير بهذا، ويؤيدهما نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس. يشير التحليل إلى أن الادعاء بإنشاء “مدينة إنسانية” في رفح “ليس أكثر سخافة من محاولة وصف الخطة بأنها تشجع على الهجرة الطوعية”.
في الواقع، تسعى إسرائيل إلى استبدال الظروف الصعبة التي يعيشها سكان غزة المكتظون في منطقة المواصي الساحلية بظروف أكثر صعوبة في رفح الفلسطينية.
يقول التحليل: “السبب وراء ذلك، كالعادة، هو أن النصر وشيك. نتنياهو لا يحتاج إلا لبضعة أشهر أخرى للقضاء على حماس. قبل أكثر من عام، روّج للرأي العام نفس الادعاء لتبرير غزو رفح (الفلسطينية). وقبل شهرين، كان هناك حل سحري آخر، وهو السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية، التي لا تزال تعاني اليوم من صعوبات بالغة، وقد أودت بحياة مئات المدنيين الفلسطينيين، معظمهم جاءوا بحثًا عن الطعام”.