يحاول نظام المخزن المغربي مسابقة الزمن للحاق بسباق الأحداث على الصعيد الافتراضي، بعدما عجز عن مقارعتها اقتصاديا ودبلوماسيا، في مشهد جعل فيه من الجزائر هدفا، أدوات هذه المعركة بعض الناشطين من “العياشة” على شبكات التواصل الاجتماعي، أما الملهم فيبقى العدو التاريخي للجزائر وصديق المخزن، ممثلا في الكيان الصهيوني الغاصب.
الهجوم السبيراني الذي تتعرض له الجزائر منذ سنوات، اشتد بشكل مثير منذ نجاحها اللافت في تنظيم القمة الـ31 للجامعة العربية، بعد مرحلة مخاض امتدت لأشهر، لم يتورع نظام المخزن المغربي، في توظيف كل أشكال الدعاية المغرضة، من قبيل الترويج لأخبار مضللة، للإيحاء بوجود أزمة بين الجزائر والمملكة العربية السعودية، بسبب رفض الجزائر لأي وساطة، كان نظام المخزن قد طرق الكثير من الأبواب، عله يجد من يقنع الجزائر بالعودة عن عقوباتها المؤلمة التي فرضتها على الرباط.
نظام المخزن وعبر أذرعه الإعلامية الموجودة في الداخل والخارج، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، لم يتوقف عن ترويج إشاعات كاذبة مفادها وجود “وساطة سعودية أجهضت من قبل الجزائر، وكانت سببا في غضب الرياض منها”، وهو الخبر الذي لم يكن سوى في مخيلة أدوات المخزن، التي تدار من خلال الخوارزميات في تل أبيب، التي أصبحت صانعة القرار الحاسم في الرباط، وراسمة سياساته وتوجهاته.
الحرب السبرانية التي يقودها نظام المخزن بتوجيه من الكيان الصهيوني، أخذت شكلا مغايرا منذ نجاح الجزائر في تحقيق أهدافها من تنظيم قمة الجامعة العربية الأخيرة مطلع الشهر الجاري عكس تمنيات نظام المخزن الذي حاول إفشالها قبل وأثناء القمة عبر مناورات وتشويش وزير خارجيته، ناصر بوريطة، تمثل في ظهور حسابات بهويات سعودية مزيفة على منصة الرسائل القصيرة “تويتر”، لما تتمتع به هذه المنصة من مصداقية مقارنة بنظيراتها الأخرى، على اعتبار أنها الأكثر استقطابا للمشاهير والمؤثرين.
ومن أبرز ما كشفته هذه الحملة على “تويتر” ضد الجزائر ومصالحها، حملة لحسابات بهويات مزيفة، قدِّموا على أنهم سعوديون بلباسهم التقليدي المعروف، تحدثوا عن أوهام كان قد نفاها وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في ماي المنصرم خلال زيارته للجزائر، حين خيب نظام المخزن وهو يتحدث عن دعم الجزائر للانضمام إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم، دونما إشارة إلى الوساطة الموهومة التي روّجت لها بكثافة أذرع المخزن الإعلامية وذبابه الإلكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعي، علما أن تصريح المسؤول السعودي تزامن وتأكيد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، الذي نفى وجود وساطة “لا بالأمس ولا اليوم ولا غد”، مع نظام المخزن المغربي.
هذه الحملة مستوحاة من استراتيجية صهيونية كان عبّر عنها أحد رجالات جيش الاحتلال في فلسطين، ممثلا في نحمان شاي، المتحدث السابق باسم الجيش الصهيوني، الذي كتب مقالا في جريدة “جيروساليم” بوست في 2 فبراير 2011، شرح من خلاله ما سماها “استراتيجية المتصيدين”، وهي تشير إلى كيفية زرع “الديدان” على شبكات التواصل الاجتماعي. كيف تتظاهر بأنك شخص آخر؟ بالنسبة له، الحل بسيط: إنشاء حسابات مزيفة، تعقبها عملية معقدة من خلال خوارزميات تدار من تل أبيب، وهو ما يقوم به نظام المخزن المغربي حرفيا منذ سنوات، وبشكل أكثر منذ نجاح قمة الجزائر العربية.
ووفق مراقبين، فإن ما يقوم به “عياشة” المخزن على شبكات التواصل الاجتماعي، إنما محاولة يائسة لسرقة الانتصارات الدبلوماسية التي ما انفكت تحققها الجزائر على المستوى الخارجي، موازاة مع انتكاسات عديدة للقصر ومحيطه، فاقمها الوضع الاقتصادي المتردي وانهيار القدرة الشرائية للشعب المغربي، الذي يملأ الشوارع هذه الأيام احتجاجا.
بقلم: محمد مسلم
الشروق