دفعت اعتداءات تنظيم داعش الإرهابي المتكررة في منطقة أزواد (شمال مالي) بآلاف اللاجئين الطوارق إلى الأقاليم والمناطق الشمالية صوب الحدود الجزائرية حيث وصل قرابة عشرة آلاف من الناجيين الهاربين من التنظيم الأشرس في منطقة الساحل.
وقال مسؤول أزوادي في اتصال بموقع “سكاي نيوز عربية”: وصل حتى الآن أكثر من سبعة آلاف نازح بدأوا في التوارد منذ الشتاء الماضي إلى بلدية “تينزواتن” التابعة لدائرة “آبيبرا” بمقاطعة كيدال، وقدمنا لهم حتى الآن الحماية والمساعدات الممكنة.
ومنذ رحيل القوات الفرنسية قبل عامين، وإعلان قوات الأمم المتحدة “مينوسما” الرحيل مؤخرا عن المنطقة، استغلت التنظيمات المتطرفة (داعش، والقاعد وفروعها المتعددة) الفراغ الأمني وقاموا بهجمات متتابعة لم تتوقف خاصة في منطقة “مينكا” القريبة من أخطر مثلث حدودي في المنطقة، والواقع بين مالي والنيجر وبوركينافاسو، دافعة بآلاف اللاجئين نحو البلدان المجاورة.
العقيد مولاي أغ سيدي، الضابط والقائد في منسقية الحركات الأزوادية، قال في اتصال معه من منطقة تواجد اللاجئين: نحن هنا لتقديم الحماية لهم، الوضع الإنساني مزر للغاية منذ أشهر، نحاول تفقد أحوالهم، هنا مئات الشيوح والنساء بلا رعاية، والشباب الصغار يبحثون عن مهرب، هم في خطر، فقد تتخطفهم الحركات المتطرفة كما يحدث عادة، أو تستقطبهم عصابات التهريب والإجرام.
قال لاجئء أزوادي من الطوارق: هربنا جميعا نحو كيدال، بعضنا وجد الإيواء هناك، وبعضنا واصل طريقه نحو تينزواتن، فهي قريبة من الجزائر، ربما تكون أكثر أمانا لنا، الهلال الأحمر الجزائري قدم لنا أدوية، لكن لا نعرف استخدامها، ولا يوجد بيننا مسعفين، نحتاج إلى مسعفين وإلى رعاية أولوية.
لاجيء آخر قال: نعاني جدا، هنا عواصف شديدة لا تتوقف، نحتاج إلى خيم وإلى مياه شرب وإلى طعام، نحن في العراء تماما منذ أشهر، والإرهابيين صادروا جميع حيواناتنا وممتلكاتنا باسم “الجهاد في سبيل الله” أليس هذا أمر غريب.
وحسب العقيد مولاي، تقوم مكاتب منسقية الحركات الأزوادية، بمحاولات حماية اللاجئين أولا من أي اعتداء محتمل، وعلى تقديم ما أمكن من المساعدات في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الآلاف من الاجيئن في الداخل الأزوادي.، وقال: لا توجد حلول في الوقت الراهن، ندعو الأمم المتحدة إلى المسارعة للمنطقة ونجدة اللاجئين، وندعو كل المنظمات الإنسانية العربية والأجنبية إلى التضامن مع اللاجئين في الداخل.
وخلال عملية حصر قام بها ممثلون من اللاجئين بالتنسيق مع إدارة منسقية الحركات الأزوادية، تم تحديد 7500 لاجيء ، أي ما يصل إلى نحو 1500 أسرة.
يتوزع هؤلاء في بلدية تينزواتن على 3 مخيمات ، ولم تقدم لهم اية مساعدات باستثناء أربعة احنات من الأدوية التي قدمها الهلال الأحمر الجزائري.
قال أيوب أغ شمد من “منظمة إيموهاغ الدولية من أجل العدالة والشفافية” والتي تعمل على مراقبة الوضع الإنساني في المنطقة: وضع اللاجئين والنازحين وصل حدا يشبه ما حدث أعوام 1973 حين فقدت الكثير من العائلات كل ما لديها بسبب الجفاف الذي ضرب الصحراء.
في الأشهر القليلة الماضية أجبرت أعمال داعش الوحشية كل سكان قرى منطقة مينكا “إن سنانن، إضيلمن، إغزر أرغن، تلاتايت، تين تشوري….” وغيرها إلى الفرار من بطشها نحو النيجر والجزائر. والبعض اتجه نحو مدن الإقليم الكبرى “غاوة، كيدال ، منكا”.
الوضع الإنساني للاجئين في آسمقا “قرية حدودية تابعة لولاية آرليت شمال النيجر” سيئ للغاية، مئات العائلات أجبرت على العودة نحو الحجيم الذي هربت منه، وقطعت تلك العائلات ممئات الكليومترات مشيا على الأقدام لتصل إلى أقرب نقطة يتوفر فيها الماء وهي آسمقا البعيدة عن حضور المنظمات.
الخطر الأكبر الآن في انتشار أمراض غريبة في ظل غياب تام للتشخيص الطبي والفئات الضعيفة من النساء والأطفال وكبار السن هم أول ضحايا هذه الأمراض.
نناشد المنظمات الإنسانية ضرورة تدخل عاجل لإنقاذ هؤلاء قبل فوات الأوان.
وتواجه منطقة أزواد، التي تبحث عن حكم ذاتي، نزاعا سياسيا بين الجبهات السياسة الموحدة في “الإطار الاستراتيجي الدائم”، في إقليم أزواد، وبين باماكو.
ووقع الطرفان اتفاق سلام عام 2015 برعاية جزائرية تعثر تنفيذه، إلا أن الأوضاع الجديدة في مالي التي أعقبت انقلابين عسكريين، وجلب مليشيات فاغنر الروسية عوضا عن القوات الدولية من شأن ذلك مفاقمة الأوضاع الأمنية في المنطقة.
سكاي نيوز