كشفت الأرقام الرسمية الإسبانية، عن خسائر كبيرة تكبدها الاقتصاد الإسباني جراء الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر في ظرف شهرين. ودفع ذلك، عددا من الصناعيين الإسبان إلى مخاطبة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز لإيجاد حل مع السلطات الجزائرية.
ووفق ما نقلته صحيفة “ذي أوبجكتف” اعتمادا على أرقام وزارة التجارة الإسبانية، فإن الصادرات نحو الجزائر انخفضت بـ235 مليون يورو في شهري يونيو/ حزيران وتموز/ يوليو، اللذين طُبّق فيهما حظر على دخول المنتجات الإسبانية إلى الجزائر بعد قرار تعليق معاهدة الصداقة بين البلدين.
وبحسب الأرقام المعلنة، فإن تصدير المنتجات الإسبانية انخفض إلى 28.6 مليون يورو في يوليو، مقابل 155.6 مليون في نفس الشهر من العام الماضي، وإلى 66.6 مليون يورو في يونيو مقارنة بـ174 مليون في نفس الفترة قبل عام. وباعتماد النسب المئوية، يكون تراجع الصادرات قد بلغ نسبة 81% في يوليو، و71% في يونيو، مقارنة بالعام الماضي.
وما يثير القلق وفق الصحيفة، أن ما وصفته بالحصار الجزائري يسير في اتجاه واحد، إذ لا تقدر الحكومة الإسبانية على التعامل بالمثل مع نظيرتها الجزائرية، لأنها بحاجة ماسّة للغاز القادم من الجزائر. وتشير البيانات إلى أن قيمة الواردات الإسبانية من الجزائر بلغت 514.6 مليون يورو في شهر يوليو، بزيادة 41.9% عن نفس الشهر من العام الماضي. أما في حزيران، فقد بلغت الواردات 663.1 مليون يورو، أي بنمو قدره 49.1%. وهكذا، في وقت زادت الواردات الإسبانية من الجزائر بنسبة 45.8% خلال شهرين، خسرت الشركات الإسبانية 70% من مبيعاتها في السوق الجزائرية.
ومن أكثر القطاعات تضررا في إسبانيا، مصانع الخزف التي بلغت خسائرها 40 مليون يورو، وفق الجمعية المهنية للمصنعين. ويشير هذا المصدر، إلى أن المستوردين الجزائريين باتوا لا يقبلون حتى منتجات الشركات الإسبانية المصنعة في بلدان أخرى، وهو حل كان قد استخدم في السابق لتفادي الحظر على المنتجات القادمة مباشرة من إسبانيا نحو الجزائر.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام إسبانية، فإن منتجي الخزف الإسبان يخشون انقطاع العلاقات تماما مع زبائنهم الجزائريين، خاصة وأن الجزائر بعد إيطاليا كانت السوق الرئيسي الذي صدرت إليه الشركات الإسبانية منتجاتها. وجاءت هذه الأزمة، لتقلب تماما السوق، ففي وقت كان يأمل مصنعو الخزف في بلوغ صادرات بقيمة 120 مليون يورو، وجدوا أنفسهم يتكبدون خسائر بنحو 25 مليون يورو في ظرف 50 يوما فقط.
وأدى كل ذلك لمناشدة الصناعيين الإسبان رئيس الحكومة بيدرو سانشيز لإيجاد حل للأزمة مع الجزائر وإيقاف نزيف الشركات الإسبانية. وكان السبب الرئيس للخلاف مع الجزائر، هو تحول الموقف الإسباني من قضية الصحراء الغربية باتجاه دعم مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه المغرب، وهو ما تعارضه الجزائر التي تدعم حق تقرير المصير وفق مقررات الأمم المتحدة.
وكان سانشيز قد حاول في الفترة الأخيرة إيجاد قنوات اتصال مع الجزائر، لكنه اصطدم برفض جزائري تام. وقال رئيس الحكومة الإسبانية قبل أسابيع في رده على سؤال حول الزيارات التي يجريها نظراؤه في فرنسا وإيطاليا للجزائر، بأنه يأمل أن يكون المسؤول القادم الذي يزور الجزائر. لكن هذه الإشارة، لم تلق أي تفاعل من الدبلوماسية الجزائرية التي سبق لأحد أبرز مسؤوليها السفير عمار بلاني، التصريح بأنه لا يرى أي حل للأزمة مع مدريد في ظل الحكومة الحالية.
وفي آخر ظهور له، قال سانشيز يوم الخميس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إسبانيا تؤيد “الحل السياسي المقبول للطرفين” فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وتجنب سانشيز الحديث عن مقترح الحكم الذاتي، قائلا: “نؤيد تماما عمل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وهو العمل الذي نعتبره حاسما للغاية”. وأضاف: “ستواصل إسبانيا دعم سكان الصحراء في مخيمات اللاجئين كما فعلت دائما، بصفتها المانح الدولي الرئيسي للمساعدات الإنسانية في هذا السياق”.
وتستمر الأزمة بين الجزائر وإسبانيا منذ تاريخ 19 مارس/ آذار الماضي الذي أعلنت فيه الجزائر سحب سفيرها من مدريد، وتطور الأمر لإعلان الرئاسة الجزائرية، التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002.
وذكرت الرئاسة في مبرراتها أن هذا القرار جاء على خلفية “شروع السلطات الاسبانية في حملة لتبرير الموقف الذي تبنته بشأن الصحراء الغربية والذي يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة”.
القدس العربي