تصاعدت الدعوات داخل حركة النهضة المطالبة بتنظيم لقاء عاجل بين الرئيس، قيس سعيد، ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بهدف تجاوز الأزمة السياسية عقب القرارات الأخيرة للرئيس سعيد، في وقت انتقد فيه سياسيون وحقوقيون طريقة إيقاف عدد من نواب البرلمان ومحاكمتهم أمام القضاء العسكري، بعد قيام قوات الأمن بـ”ترويع عائلاتهم”.
وكان المكتب التنفيذي للحركة اعتبر أن “الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها السيد رئيس الجمهورية هي إجراءات خارقة للدستور والقانون وفيها اعتداء صريح على مقتضيات الديمقراطية وعلى الحقوق الفردية والمدنية للشعب التونسي، وتوريط لمؤسسات الدولة في صراعات تعطلها عن القيام بواجبها في خدمة الوطن والمواطن. وهذه الإجراءات التي قدمت بصفتها استجابة لمطالب مشروعة للشعب التونسي للخروج من أزمة ودائرة مقفلة، لا تمثل حلاً للمشاكل المركبة والمتراكمة، بقدر ما تضيف مخاطر جديدة إلى معاناة الشعب التونسي، بضرب الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي للشعب”.
لكنه عبر، في بيان أصدره السبت، عن استعداد الحركة للحوار مع جميع الأطراف السياسية في البلاد، مطالباً الرئيس سعيّد بـ”تغليب المصلحة الوطنية والعودة لمقتضيات الشرعية الدستورية والتزام القانون وفسح المجال لحوار يلتزم الجميع بمخرجاته. ويدعو كل القوى الوطنية، أحزاباً ومنظمات وجمعيات، للتوافق على حد أدنى وطني يضمن سرعة العودة للحياة الدستورية والشرعية ويحمي استقرار البلاد ووحدتها”.
وتحت عنوان “الغنوشي وسعيد. اللقاء لأجل تونس بدل الصدام من أجل السلطة”، كتب النائب عن الحركة العجمي الوريمي: “دخلت تونس يوم 25 تموز/يوليو 2021 مرحلة جديدة، إذ لأول مرة يتم حسم معركة السلطة عبر المرور بقوة لا عبر صندوق الاقتراع أو الحوار والتوافق. كان الهدف من ذلك إيقاف مسار حكومي ومؤسساتي وتدشين مسار خارج المسلك الدستوري لكن تحت يافطته. صبيحة ذلك اليوم وقف راشد الغنوشي في مراسم إحياء الذكرى لتحية العلم بمواكبة فرقة من الجيش الوطني كانت تؤدي النشيد الوطني دون حضور رئيس الجمهورية ونواب الشعب والهيئات الدبلوماسية ورؤساء المنظمات الوطنية والمؤسسين والرؤساء ورؤساء الحكومات السابقين وكل من يشمله البروتوكول الذي عوضه البروتوكول الصحي بسبب اتساع تفشي جائحة كورونا”.
وتساءل بقوله: “كيف يعود قطار الديمقراطية إلى سكته في غياب المحكمة الدستورية. التنديد والتحشيد اللذان بادر بهما الغنوشي ووقفته ذات الكثافة الرمزية العالية أمام باب البرلمان المقفل بالأقفال والسلاسل جعلت قيس سعيد بعد عقد العزم على الإطاحة بالمنظومة دون دليل عمل أو بديل ورؤية مستقبلية يتراجع خطوة إلى الوراء ليدفع عن نفسه تهمة الانقلاب وخرق الدستور. كان اللقاء بين الرجلين وشيكاً لولا خطوة سعيد غير المحسوبة وكان الصدام بين الرجلين حتمياً لولا خطوة الغنوشي المدروسة”.
وكان رياض الشعيبي، مستشار الغنوشي، أكد قبل أيام لـ”القدس العربي”، رفض حركة النهضة للقرارات التي اتخذها سعيد، لكنه أكد -في المقابل- أن الحركة مستعدة للحوار مع الرئيس، وهي ترحب بعقد لقاء عاجل بين الغنوشي وسعيّد لتجاوز الأزمة السياسية.
واستنكر سياسيون وحقوقيون محاكمة عدد من النواب التونسيين أمام القضاء العسكري، كما انتقدوا قيام قوات الأمن بترويع عائلات النواب قبل اعتقالهم.
ودوّنت حنان الخميري، محامية ائتلاف الكرامة: “تمت مداهمة منزل النائب عبد اللطيف العلوي (ائتلاف الكرامة) من قبل أشخاص يلبسون الزّي المدني يدّعون أنّهم أمنيون دون الاستظهار بما يفيد ذلك أو الفرقة التي ينتمون إليها ذاكرين أنهم من الأمن الوطني وتولوا تفتيش منزله كما تولوا تصوير زوجته وبناته بالفيديو ولما احتجت إحدى بناته قال لها أحدهم هذا من حقّنا ولسنا صحافة”.
كما نقلت عن شهود عيان تأكيدهم قيام “فرقة مجهولة تقتحم منزل النائب عن الائتلاف محمد العفاس بصفة وحشية ودون استظهار بأي ورقة فزعوا الأطفال وأبكوهم. اقتحموا حتى بيت الحمام على طفلة تستحم ولم يحترموها”.
وكتب محمد هنيد، مستشار الرئيس السابق منصف المرزوقي: “يا شعب تونس: سحل نواب الكرامة واعتقال ياسين العياري وهدم باب منزل محمد العفاس ليست جريمة في حقهم فهم جاؤوا لهذا من أجلكم، بل هي جريمتكم أنتم في حق أخلص أبنائكم! لقد باعوا أنفسهم ليشتروا لأبنائكم مستقبلاً السيادة والعزة لكنّكم فضّلتم مشاهدتهم يُسحلون وشاركتم بصمتكم في الجريمة”.
ودون هشام العجبوني، النائب عن حزب التيار الديمقراطي: “بكل وضوح: استغلال وضع التدابير الاستثنائية لتصفية الحسابات أو للتعسّف في تطبيق القانون مرفوض ومُدان. استعراض القوة وترهيب العائلات والأطفال عند الإيقافات مرفوض ومُدان. الاعتداء على حقوق وكرامة الموقوفين مرفوض ومُدان. حملات التشويه ضدّ منتقدي قيس سعيد مرفوضة ومُدانة”.
وأضاف: “من حقّ كل مواطن تونسي التعبير عن رأيه بكل حرية وقيس سعيد ليس إلاهاً حتى لا يتم انتقاده. وكلّ ما يُشاع عن انتهاكات وتعسّف في تطبيق القانون وعند الإيقافات يسيء إليه بالدرجة الأولى. نريدها دولة قوية ولكن عادلة وتحترم حقوق الإنسان مهما كانت الاختلافات في الآراء والمواقف والأفكار”.
وأصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً دعت فيه إلى عدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وعدم ملاحقة الأشخاص على خلفية تدوينات أو مواقف، فضلاً عن ضمن شروط المحاكمة العادلة وعدم التراجع عن حرية الرأي والتعبير.
ودوّن عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري: “منعرج خطير يتهدد الحريات العامة والفردية. أطلقوا سراح النائب ياسين العياري”.
وأضاف سمير بن عمر، رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية: “استهداف نواب ائتلاف الكرامة وبقية أحرار البلاد دون رؤوس الفساد، يبرهن أن هدف الحركة الانقلابية تصفية الثورة وإرجاع منظومة استبدادية أكثر توحشاً من منظومة بن علي”.
وخلال الأيام الماضية تم إيقاف عدد من النواب، بينهم ياسين العياري بتهمة “الحط من معنويات الجيش، وأربعة أعضاء من ائتلاف الكرامة على خليفة ما يعرف بـ”حادثة المطار”.
القدس العربي
