شهدت تونس خلال الساعات الماضية حدثًا مصيريًا تمثل بصدور إعلان رئاسي عن حل البرلمان، وذلك في أعقاب الجلسة العامة الافتراضية لمجلس النواب المجمّد التي الغيت خلالها التدابير الرئاسية الاستثنائية.
وردًا على هذا التحرك، أمر الرئيس التونسي قيس سعيد وزيرة العدل ليلى جفال بأن تدعو النيابة العمومية الى القيام بدورها، مدينًا خطوة البرلمان المجمد ووصفها بأنها “تآمر على أمن الدولة”.
وقال سعيد: “نحن مؤتمنون على أمن تونس، ولن نترك العابثين يواصلون غيهم وعدوانهم على الدولة ومقدرات الشعب”.
مخاوف من صراع “الشرعيات”
وكان إعلان البرلمان المجمّد التصديق على مشروع قانون يلغي التدابير الاستثنائية التي أعلنها سعيد يوم 25 تموز/يوليو الماضي ومن بينها تجميد البرلمان، قد أثار مخاوف من أن يفتح الباب أمام صراع “الشرعيات”، وإدخال البلاد في مزيد من التشرذم والتشتت على غرار ما حصل في تصادم الشرعيات بين حكومتي طبرق وطرابلس في الجوار الليبي.
وقال سعيد: “إذا كانوا يريدون تقسيم البلاد وزرع الفتنة، و”الفتنة أشد من القتل”، فنجوم السماء أقرب إليهم من ذلك”، وتابع في تسجيل مصور نشر على الإنترنت أن “تونس تعيش اليوم محاولة انقلابية فاشلة”، معلنا “في هذه اللحظة التاريخية عن حل البرلمان حفاظا على الدولة ومؤسساتها”.
بدورها، طلبت جفال من وكيل الدولة بمحكمة الاستئناف فتح تحقيق ضد نواب البرلمان المعلق بتهمة التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إجرامي بعد عقدهم الجلسة.
أي تحرك لاعتقال أعضاء البرلمان الذين شاركوا في جلسة اليوم الأربعاء، يمكن أن يدخل البلاد في أتون مرحلة جديدة أكثر صعوبة من المواجهة بين الرئيس سعيد وخصومه وفي مقدمتهم “حركة النهضة”.
مواقف متباينة
وقد أثار قرار حل البرلمان ردود فعل متباينة في الأوساط التونسية بين مؤيد ومعارض، فقد اعتبر الأمين العام المساعد لـ”الاتحاد العام التونسي للشغل” سامي الطاهري في حديث إذاعي أن “القرار جاء متأخرًا لكنه كان ضروريًا”، مضيفًا أن “البرلمان كان مجمدًا وهو في عداد الأموات وإكرام الميت دفنه”.
من جانبها، رأت رئيسة “الحزب الدستوري الحر” عبير موسى أن “حل البرلمان يجب أن يقترن بالدعوة لانتخابات تشريعية في أجل لا يتجاوز الآجال الدستورية”، وأكدت أننا “سعيدون بهذا القرار”.
في المقابل، قال حزب “العمال التونسي” في بيان له، إن “حل مجلس نواب الشعب من قبل الرئيس سعيد خطوة ستغرق البلاد في طور جديد من النزاع على السلطة”.
وأضاف: “سعيد أغرق البلاد في المجهول وعمّق تبعيتها ودفع بها بخطى أسرع نحو الإفلاس، كما دفع بالشعب نحو مزيد من البؤس منذ إعلانه الإجراءات الاستثنائية في 25 تموز/يوليو الماضي”.
وانتقد الحزب “عقد جلسة افتراضية للبرلمان المجمد اليوم الأربعاء”، معتبرا ذلك بمثابة “دخول في طور جديد من النزاع مع الرئيس سعيد”.