تواجه تونس تحديات مهمة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، ومنها القبول بتقديم تضحيات على الصعيد الاجتماعي من دون السماح لمعارضي الحركة التصحيحية باستغلالها في إثارة الفوضى، وهو ما أشار إليه الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نورالدين الطبوبي بعد اجتماعه بالرئيس قيس سعيد، الجمعة، إذ شدد على ضرورة التحلي بالحكمة التعقل، مبيناً أن المعركة اليوم هي اقتصادية واجتماعية وكذلك سياسية.
وفيما أوضح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالدراسات والتوثيق أنور بن قدور، أن الاتحاد سينظم مؤتمراً صحافياً للرد على برنامج الإصلاحات الذي أعدته الحكومة استعداداً للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، يرى مراقبون أن أهم تحدّ يواجه تونس خلال الفترة القادمة هو مدى قدرتها على الاستجابة لشروط المؤسسات المانحة وعلى احتواء النتائج المحتملة للإجراءات المالية والاقتصادية التي ستضطر إلى تنفيذها، والتي وصفها ممثل صندوق النقد في تونس جيروم فاشيه بـ «إصلاحات عميقة جداً» ولا سيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة (الموارد البشرية الحكومية).
خفض الفاتورة
ويدعو المانحون الأجانب السلطات التونسية إلى إجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية «الموثوقة» التي من شأنها خفض الدعم وفاتورة أجور القطاع العام وإصلاح مؤسسات الدولة الخاسرة، وبالتالي الحد من العجز والديون، وتتضمن لائحة الإصلاحات تخفيض كتلة الأجور، والتوقف عن الانتدابات في الوظائف الحكومية، وخفض مستويات الدعم على السلع الأساسية، وإصلاح القطاع العام، ومؤسساته العاملة في مجالات مختلفة كالاتصالات والكهرباء ومياه الشرب والنقل الجوي والبري والتي تتمتع في غالب الأحيان بالاحتكار وتوظف ما لا يقلّ عن 150 ألف شخص، وفق التقارير المالية الدولية.
وتدفع تونس 16% من إجمالي الناتج المحلي لموظفي القطاع العام، حيث تستحوذ أجور الموظفين الرسميين البالغ عددهم 650 ألفاً على أكثر من نصف نفقات الدولة السنوية، من دون احتساب السلطات المحلية والشركات العامة.
لا إملاءات
ويرى الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان، أن صندوق النقد لم يفرض أي شيء على تونس وليس لديه إملاءات، وإنما تونس هي التي تعهدت منذ 2013 بإصلاحات كانت تقدمت بها للصندوق ولم تلتزم بها ما أثرّ على مصداقيتها، مشيراً إلى أنه، وعند مقارنة الوثيقة التي ستتقدم بها تونس إلى الصندوق وقانون المالية للعام 2020، تظهر الصعوبة الكبرى لتنفيذ الإصلاحات في ظل الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي والسياسي.
وبحسب مراقبين، فإن تونس أمام تحديات حقيقية، إذ لا حل لأزمتها المالية والاقتصادية إلا باللجوء إلى المؤسسات الدولية المانحة، ولكن هذا الحل يتطلب قبولها بجملة إصلاحات مؤلمة قد يكون لها تأثيرات بالغة على الصعيد الاجتماعي.
البيان